موسى بهبهاني: موظفو الموانئ أثناء الغزو (4 - 5)
زاوية الكتابكتب مظفر عبدالله أغسطس 20, 2023, 10:50 م 822 مشاهدات 0
«هل جزاء الإحسان إلا الإحسان»
بعد توقف الحرب العراقية - الإيرانية مدّت الكويت يد العون في إعادة إعمار العراق ففتحت موانئها لاستقبال السفن ذات الشحنات المتجهة للعراق، وإذا بهم يقومون بنكران الجميل ورد التحية بغزو الكويت تحت مبررات واهية وهي محاولةً لسلب ونهب ومسحها من الوجود عذر أقبح من ذنب !!
حدث الغزو الصدامي البعثي البغيض..في 1990/8/2 وصادف بالتاريخ العربي فجر يوم 11 محرم، فلم يردعه الشهر الحرام عن ارتكاب جريمته الشنعاء، فانتهك أراضي دولة إسلامية جارة شقيقة له، في عمل دنيء يمثل أبشع صور الغدر والخسة متناسياً: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
(خفافيش الظلام)
ففي صباح يوم الثاني من أغسطس1990 كنت نائماً في المنزل حيث كان دوام إدارة العمليات البحرية بنظام الورديات: يوم عمل ويومان راحة، وكان ابن عمتي صالح معرفي يعمل مهندساً بالميناء ويلتحق بعمله فجراً، ففي الساعة الرابعة والنصف صباحاً تلقيت مكالمة تلفونية منه وهو منفعل ومصدوم وأبلغني بأن جنود الغزاة في الديرة ؟؟ بدايةً لم أصدّق ذلك وقلت له أنت تحلم؟ فقال لا إنما هي الحقيقة و للأسف أبلغني أنه أثناء توجهه إلى الميناء وتحديداً بجانب دوار الشيراتون ( شارع فهد السالم ) استوقفه الغزاة في نقطة التفتيش وتم قطع سماعة تلفون السيارة ( انطلق 1 ) بسكين وطلبوا منه العودة الى المنزل!!
ومباشرةً اتصلت بمكتب العمليات البحرية بالميناء وأبلغني الزملاء في العمل بأن سور الميناء محاصر بالغزاة وكذلك البوابات و طلبوا مني عدم الالتحاق بالعمل وأنهم سوف يغادرون الميناء؟
وأُبلغنا لاحقاً بأن زملاءنا العالقين بالميناء قد غادروا عن طريق البوابة رقم (1) والتي تقع مابين محطة تحلية مياه الشويخ وشركة مطاحن الدقيق الكويتية والتي لم يكن الغزاة يعلمون عن هذه البوابة فلم تتم محاصرتها بعد، وآخرين غادروا من البوابة الشمالية رقم (5) فأُلقي القبض عليهم، منهم الزميلان (عبدالرحمن الخنجي / عبدالمجيد الفرحان) فتمت مصادرة سيارتيهما الشخصيتين وأركبوهما سيارة نقل الجنود مع العاملين الوافدين وضباط وأفراد وزارة الداخلية المصابين والمقيدة أياديهم، وتم نقلهما إلى جانب دوار الجوازات في منطقة الشويخ وهناك تم إطلاق سراح المدنيين وحجز العسكريين.
وقبل الغزو الغادر غادرت جميع السفن الميناء وآخرها كانت سفينة تحمل بضاعة مجمّدة (مبردة) قبل منتصف الليل، وعلقت في الميناء سفينتان إحداهما سفينة ركاب إيرانية (إيران هرمز) والأخرى سفينة بضائع هندية.
قامت سفارتا الدولتين لاحقاً باستخدامهما لإجلاء رعاياهما وغادرتا الميناء أثناء الاحتلال الغاشم.
(رحمك الله يا حمود)
وكان الصديق قائد الزورق / حمود نافل الهرشاني من سكان منطقة الصليبخات على تواصل معي منذ اليوم الأول من الغزو سواء بالاتصال أو زيارته لي بالمنزل لتقديم المساعدة ونقل الأخبار عمّا يفعله الغزاة من جرائم و فجأة اختفى ولم أعد أسمع عنه أي شيء، وعلمت فيما بعد بأنه قد تم أسره ولم يعرف عنه أي خبر، رحمك الله ياحمود ياشهيد الوطن.
(تواصل كَباتن العمليات البحرية أثناء الغزو)
في الأسبوع الأول من الغزو الغاشم تم الاتصال بنا من قبل زملائنا بالعمل في إدارة العمليات البحرية يدعوننا للتجمع، وكنا نجتمع صباح كل يوم جمعة في ديوانية زميلنا ( إسماعيل عبدالجبار ) في منطقة الرميثية مع مدير إدارة العمليات البحرية المرحوم / خالد الحشاش نتبادل الأخبار عن الميناء وعن زملاء العمل وإن كان أحد منا بحاجة للمساعدة بالإضافة الى تناقل منشورات مكتوبة بخط اليد ومصورة عدة نسخ فيها الأخبار اليومية والإجراءات التي نقوم باتباعها.
«رحم الله زملاءنا المتوفين منهم وحفظ الله الأحياء وأمدّ بأعمارهم»
في ظل الغزو والاحتلال الغاشم نذكر ثلة من الكباتن في إدارة العمليات البحرية والذين كانوا على تواصل خلال تلك الأزمة ولم يغادروا الوطن رغم الفرصة المتاحة لذلك وعلى سبيل المثال ونعتذر إن سقط سهواً أحد الزملاء:
يوسف القصار -خالد الحشاش -يوسف شهاب - حسن زاهد - حسن رجب -صالح الهدهود -عبدالعزيز جمال -أحمد الطراروة -سامي العبيدان -سليمان اليحيى -يوسف الكندري -شاهين التميمي -رضا مشاري -أحمد الظبيب -بدر الطراروة -عادل العبيد -عباس القلاف -خالد سردار -محمد دشتي.
وكذلك قمنا بتزوير رخصة قيادة المركبة بوضع صورة مدنية وتغيير المهنة إلى موظف لتفادي الاعتقال عند نقاط التفتيش لأزلام الغزاة.
لأنّ هويات العمل كانت فيها الصورة بالبدلة الرسمية وكذلك المهنة مذكور فيها (ربان بحري / مرشد بحري).
ومن ذكرياتنا في العصيان المدني قام كل المواطنين الصامدين على أرض الوطن بالصعود الى أسطح المنازل في منتصف الليل وبدأوا بترديد صيحات (الله أكبر الله أكبر ) مما أثار هذا العمل الهلع في قلوب الغزاة فكانت ردّة فعلهم إطلاق النار العشوائي الذي أصاب براميل المياه الموجودة فوق أسطح المنازل، فسبحان الله، ذكر الله سبّب لهم الذعر والارتباك.
وبعد مرور شهرين من احتلال الوطن على تجمعنا في الديوانية أبلغنا بعدم التجمع في الديوانية بسبب اعتقال الزملاء ( حسن زاهد و إسماعيل عبدالجبار ) من قبل أزلام النظام البعثي.
واستمر التواصل بيننا يومياً طوال فترة الغزو الغاشم مع مدير العمليات البحرية المرحوم خالد الحشاش وبعض الزملاء في مطعم أخي (تقي بهبهاني) رحمه الله في منطقة حولي حتى تم اعتقاله وأسره، فتوقفنا عن التجمّع في المطعم حتى أنعم المولى عزّ وجل علينا بنعمة التحرير من الغزاة.
اللهم أحفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.
تعليقات