حسين الفضلي: خالد يوسف المرزوق.. رمز وطني كبير لن ينساه أهل الكويت
زاوية الكتابالمغفور له بإذن الله تعالى العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- اسم بارز في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكويتية، لا يمكن أن تنساه قلوب أهل الكويت ولا يمكن أن يخبو ذكره، أو يضعف فكره، أو يُنسى أثره إذا دار الحديث عن عطاء الرجال، وهمة الرجال، وشرف الرجال.
المغفور له بإذن الله تعالى العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- لم يكن مجرد مواطن كويتي ملك حبّ الكويت قلبه، واستحوذ على مشاعره الفياضة، وأحاسيسه المتدفقة، بل كان إنساناً خليجياً عربياً غلبت عليه الإنسانية الحقة فجعلته مصدراً لنفع القاصي والداني، وسبباً للتعمير والبناء، وعنواناً للأمانة والنزاهة والصدق والوفاء ليس في المنطقة العربية وحدها، بل على المستوى العالمي كذلك، إذ امتدت أياديه البيضاء، ووصل غيثه العميم إلى بلاد كثيرة، ودول متعددة في مختلف الأنحاء لا فرق بين أدناها وأقصاها من الناحية الجغرافية، لأن عطاء الرجل كان بالفعل عابراً للقارات.
المدهش والمثير في هذا الرمز الكويتي الكبير، أنه كان عنواناً على النجاح في كل مجال خاضه، وفي كل ميدان التفت إليه أو عمل فيه، والأكثر إثارة هو سعيه الدائم لإشاعة الخير ونشره ونثره، إيمانا منه بأن نجاح المرء وفلاحه الحقيقي يكمن في مشاركته وسعيه لإنجاح الآخرين ليعم الخير، ويستمر التألق، ولا ينقطع التفوق بانقضاء الوقت، أو برحيل المؤسسين.
واليوم ونحن نعيش الذكرى الثالثة والثلاثين للعدوان العراقي الغادر على أرضنا الطاهرة الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990، يبرز بوضوح، ويظهر بجلاء كم كان المغفور له بإذن الله تعالى العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- وطنياً يسري حب الكويت في أوردته وشرايينه وكم كان حاذقاً وماهراً وصلباً في مواجهة هذا العدوان الغادر، الذي ضرب بكل القيم والمبادئ عرض الحائط، فعضّ اليد التي امتدت إليه بالعون والمساعدة، وأغمد خنجره في ظهر من وقف بجانبه وأحسن إليه ولم يبخل بشيء عليه من منطلق الأخوة العربية، والنخوة العربية وحُسن الجوار.
عمد المغفور له - بإذن الله تعالى - العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- إلى إعلاء صوت الكويت، وإظهار الحق الكويتي، والكشف عن زيف ادعاءات الغازي المختل المحتل، وتفنيد مزاعمه، وتبيان أكاذيبه، فواصل إصدار صحيفة «الأنباء» من القاهرة بعد أيام معدودة من الغزو الغاشم، ووزعها مجاناً على العامة والمسؤولين، وعلى كل من يفد إلى مصر من مختلف دول العالم، ليعرفوا من خلال صفحاتها أخبار المرابطين داخل الكويت، وأنباء الذين اتخذوا من بلدان الدنيا مقار لقصف العدو بسلاح الكلمة الصادقة وبسيوف الحق المبين.
لقد فعل المغفور له -بإذن الله تعالى- العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- ذلك بينما كانت جحافل المحتل تعيث في الكويت فساداً وتسرق مطابع «الأنباء» ومكائنها وأجهزتها من مبناها العريق في منطقة الشويخ الصناعية.
فعل ذلك ليقينه بأن الإعلام الصادق سلاح فتاك لا يقل أثره عن مدفع يحمله جندي في أرض المعركة، أو طائرة حربية يقودها ضابط شجاع ليلقي حممها وقذائفها على رؤوس أعداء الحق أعداء الحياة.
هذا على المستوى الإعلامي الذي أحسنه المغفور له -بإذن الله تعالى- العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- وأتقنه وبرع فيه، أما على المستوى الرسمي فقد كان - يرحمه الله تعالى - العضو المدني الوحيد في الحكومة الكويتية التي اتخذت من الطائف مقراً لها خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم، وقادها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح - طيب الله ثراه- واستطاعت بقدرة فائقة، وبنجاح بالغ أن تُفْشِل ما خطط له صدام وزمرته وما رموا إليه من محو الشخصية الكويتية، والقضاء على هويتها، ومن ثَمّ البقاء على أرض الكويت التي زعموا أنها جزء من العراق، وإنهم والله لكاذبون.
كان المغفور له -بإذن الله تعالى- العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- عضوا فاعلاً في تلك الحكومة، منحها جهده، وأعطاها وقته، وعرض عليها رؤاه الثاقبة، فشارك مع زملائه في صنع رأي عام عالمي رافض للاحتلال، حريص على إعادة الحقِّ لأصحابه، ورجوع الكويت لأهلها حرّة أبيّة ترفرف أعلامها على مبانيها، ويصدح في جنباتها نشيدها الوطني.
وطني الكويت سلمت للمجد
وعلى جبينك طالع السعدِ
وليس يخفى على أحد أن ذلك الدور لم يكن الوحيد الذي قام به المغفور له -بإذن الله تعالى- العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- أثناء فترة الاحتلال وبعده، إذ كانت له أدوار إنسانية واجتماعية يعلمها أبناء الكويت علم اليقين، ويتحدثون بها، ويثنون عليها كلما جاءت سيرته، أو كلما كان الحديث عن أبطال الكويت ورموز الكويت في أي مجال من المجالات.
إنّ المجال ليس مجال حصر أو عدِّ مآثر، المغفور له -بإذن الله تعالى- العم خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه- فهي فوق العدِّ، وفوق الحصر، وخصوصاً في المجال الاجتماعي أو الإنساني، الذي لا تخطئه عين ولا تملُّ من سماعه الآذان.
أما المجال الاقتصادي عامة، والعقاري منه على وجه الخصوص فقل ما شئت عن الريادة والقيادة التي كانت للعم خالد يوسف المرزوق فيه، ويكفي أن يمر على خاطرك أي مشروع اقتصادي أو عقاري عملاق، لتجد أن العم الراحل خالد يوسف المرزوق -طيب الله ثراه-،هو صانعه أو مؤسسه أو له قصب السبق فيه.
تلك كانت سطور قليلة في رجل كبير وكلمات موجزة في مسيرة رمز كويتي لا تزال صورته ملء العيون، وسيبقى أثره على مر الأيام والسنين، وسيفخر كلّ كويتي يقرأ سيرته.
«رحمك الله أيها الوطني الغيور، رحمك الله أيها المحبُّ للكويت والكويتيين، وأدخلك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً».
تعليقات