د.فيصل الشريفي: صراع رئيس مجلس الأمة قصة لن تنتهي

زاوية الكتاب

كتب د. فيصل الشريفي 1501 مشاهدات 0


هل يستحق منصب رئيس مجلس الأمة كل هذا الصراع والاصطفاف؟ فإذا ما نظرنا إلى اختصاصاته التي نصت عليها المادة (30)، فإن الرئيس هو الذي يمثل المجلس في اتصاله بالهيئات الأخرى، ويتحدث باسمه، ويشرف على جميع أعماله، ويراقب مكتبه ولجانه، كما يتولى الإشراف على الأمانة العامة للمجلس، ويرعى في كل ذلك تطبيق أحكام الدستور والقوانين، وينفذ نصوص هذه اللائحة ويتولى على وجه الخصوص الأمور التالية:

أ- حفظ النظام داخل المجلس.

ب- رئاسة جلسات المجلس.

ج- تحضير ميزانية المجلس وحسابه الختامي، وعرضهما على مكتب المجلس لنظرهما ثم إقرارهما.

د- توقيع العقود باسم المجلس.

هـ- أن يمارس في شؤون المجلس وموظفيه الصلاحيات التي تخولها القوانين واللوائح للوزير في شؤون وزارته وموظفيها.

و- وضع نظام حضور الزوار في جلسات المجلس، وله أن يأمر بإخراج الزائر لجلسات المجلس إذا تكلم في الجلسة أو أبدى استحسانا أو استهجانا بأي صورة من الصور، وله أن يتخذ الإجراءات القانونية ضده.

بالرغم من وجاهة منصب رئيس مجلس الأمة الاعتبارية والبروتوكولية وفضلاً عن كونه حلقة الوصل بين المجلس والقيادة السياسية فإن الاختصاصات التي يتمتع بها رئيس مجلس الأمة يظل معظمها تنفيذيا لا تخرج حدودها من أسوار مجلس الأمة، لذلك تصويره على أنه من أولويات الإصلاح السياسي أو أنه حكرٌ على أحد قد يفقده قيمته الحقيقية، فبالنهاية من يتولى مهام هذا المنصب عليه التعامل بمسافة واحدة مع الجميع، وأن يكون فيصل التعامل مع أعضاء المجلس اللائحة الداخلية.

في المقابل ندرك جيدا أن منصب الرئيس يتطلب سمات وصفات شخصية، قد لا تتوافر في الكثير من المرشحين كونه المسؤول عن إدارة وضبط الجلسات، والمعني بتطبيق اللائحة الداخلية دون تعسف أو ميل لهذا الطرف أو ذاك.

سجلت التجربة البرلمانية الكويتية منذ بدايتها تنافساً محموداً على منصب الرئيس، حيث كانت تنتهي تبعاتها مع إعلان الفائز، لكن في السنوات الأخيرة وتحديدا مع المجلس المبطل الأول صار منصب الرئيس ضمن مرمى الاصطفاف السياسي، ووصل إلى مرحلة التطاول والتجريح الشخصي، لكن والحق يقال إن الرئيس أحمد السعدون استطاع التعامل معها في تلك الفترة بالحنكة السياسية والترفع، ومع ذلك لم تخلُ فترة توليه من بعض المشاحنات بين النواب والتي خرج بعضها عن المألوف.

النقلة الثانية كانت في عهد السيد مرزوق الغانم والتي تميزت أثناء ترؤسه مجلس 2016 في قدرته على المواجهة والسيطرة رغم شراسة المواقف التي واجهها، إلا أن السبحة في مجلس 2020 انفرطت، فأصبح رأس الحربة وأحد أطراف النزاع الرئيسة، فلم يُمكّن أو يَتَمَكّن من إدارة قاعة عبدالله السالم رغم ما يملكه من إمكانات وحضور ذهني قلما تجده عند نظرائه من الرؤساء السابقين.

المشاكل التي قد تصعّب مهمة أي رئيس مجلس الأمة تنحصر في تدخلاته بالعمل التنفيذي للحكومة وتصديه ودفاعه المستميت عنها، وتفسير نصوص اللائحة الداخلية بانتقائية، حيث إن هذه التصرفات قد أضرت بمنصب الرئيس إذا ما رجعنا إلى كونه أولاً وأخيراً نائبا يمثل مصالح الأمة، ويمثل الشعب الذي أوصله في البداية لعضوية مجلس الأمة.

في النهاية بروز أكثر من شخصية قادرة على قيادة مجلس الأمة إثراء للعمل النيابي، والأهم من ذلك ألا ينحصر اختيارنا للمرشحين بناء على موقفهم من التصويت لرئيس المجلس، فالعمل البرلماني التشريعي والرقابي أكبر بكثير من منصب الرئيس.

ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك