داهم القحطاني: عندما يغيب الضمير عن المدارس

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 813 مشاهدات 0


بعد انتهاء عطلة عيد الفطر الحالي الثلاثاء الماضي، دار نقاش طويل بيني وبين ابنتي وهي تدرس في الصف الثاني عشر علمي، وتحتاج كل دقيقة دراسة استعدادا للاختبارات الفاصلة، حول دوام يوم أربعاء ما بعد عطلة العيد، فبينما كانت هي متأكدة جدا أن معظم الطالبات سيغبن، وأن الملتزمات منهن لن يحظين بفرصة الدراسة، كنت مصرا بأن وزارة التربية والمدارس لن تساويا بين من التزم ومن استهتر بالنظم المدرسية.

تعاني الكويت مشكلات جوهرية تتعلق بالتعليم لا تنحصر فقط بأن وزير التربية يعين بشكل عشوائي - في الغالب - ومن دون أن يكون من السياسيين المهتمين بالتعليم، بل يتعدى الأمر ذلك وصولا لمعظم المناصب القيادية، لهذا نجد أن غياب الإدارة التربوية الصحيحة أصبح السمة العامة في التعليم بالكويت مع الأسف.

كما أن ثقافة الغياب التي رسختها معظم المدارس، ومعظم المدرسين والمدرسات أصبحت هي السائدة.

كم وكم صدرت تحذيرات من خطورة أن يمتد مجموع أيام عدم الدراسة في عطلة نصف السنة إلى الشهر ونصف الشهر للمدارس الابتدائية، والشهر لباقي المدارس، ومع ذلك يبدو أن معظم الإدارات المدرسية اعتبرت ذلك أمرا يسهل العمل عليها، ويختصر السنة المدرسية فتكون غير مرهقة.

قد تسمعون تصريحات متشددة لوزير التربية أو لوكلاء الوزارة يحمّلون فيها الطلبة وأسرهم المسؤولية، ولكن الحقيقة المرة أن المسؤولية يتحملها الوزير والوكلاء ومعظم الإدارات المدرسية ومعظم المدرسين والمدرسات، أما الطلبة وأسرهم فهؤلاء يخضعون للنظم فإن وجدوا نظما مدرسية مترهلة بالطبع سيتأثرون بها ويكثر الغياب.

الآن ما هو حل هذه المعضلة؟

لا شك أن المسالة تتعلق بالثقافة العامة بالدرجة الأولى، فثقافة الغياب تتطلب معالجة جذرية وجادة تقوم على تمييز المجتهد من الطلبة في مسألة الحضور أولا، ومعاقبة غير الملتزم ثانيا، وترسيخ مبدأ أن الحصص التربوية تُدرس كاملة وإن كان الحضور مقتصرا على طالب واحد أو أو طالبة واحدة.

وبالطبع هناك اجراءات تربوية أخرى يعرفها أهل الميدان لتمييز المدرسين والمدرسات الملتزمين عن غير الملتزمين، من الذين يحرضون الطلاب والطالبات على الغياب في أيام ما قبل وما بعد المناسبات، ليحظوا كطاقم تعليمي بمزيد من أيام العطل. 

على رئيس الوزراء الحالي إعداد خطة متكاملة لضبط هذا الأمر من مختصين مستقلين ليتم تطبيقها في وزارة التربية، من دون أن ينتظر الحلول من وزير التربية ووكلاء الوزارة، وعلى رئيس الوزراء أن يعلم أن انتظار الانجازات من جهاز وظيفي عبثت فيه الواسطات والتعيين بالباراشوت سيكون أمرا غير حكيم، فالكويتيون سيحمّلون بالنهاية رئيس الوزراء المسؤولية كاملة عن كل تقصير.

بالطبع ذلك يتطلب أن يحيط رئيس الوزراء نفسه برجال الدولة من المختصين في السياسة أولا وفي التخصصات الأخرى ثانيا، تماما كما رجال الدولة الذين كانوا حول الشيخ جابر الأحمد حين كان رئيسا للوزراء، فهؤلاء ومنهم عبدالرحمن العتيقي، وعبدالعزيز حسين، هم من صنع النهضة في الكويت.

تعليقات

اكتب تعليقك