داهم القحطاني: الكويت التي لا تعرفونها

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 3609 مشاهدات 0


يتساءل البعض هل الكويت أسوأ بلد خليجي من حيث التنمية والتعليم والصحة كما يروّج البعض؟

بالطبع لا، فالكويت تتصدر مراكز متقدمة خليجيا في مجالات عدة، لكن ولأن سقف الانتقاد العالي، ولأن أجواء الحريات العامة تتيح نشر كل سلبية نقرأ كثيرا من الأخبار السلبية بينما يكاد يتلاشى نشر السلبيات في بلدان أخرى رغم وجودها وبشكل واضح.

وهل تفتقد الكويت الجمال العمراني وحياة الرفاهية التي تتباهى بها دول خليجية عدة؟

بالطبع لا، فالكويت واحدة من أفضل بلدان الخليج العربي من حيث التخطيط العمراني، ولدينا رابع أطول جسر في العالم وهو جسر جابر، وهناك واحد من أطول المباني الحجرية في العالم وهو برج الحمراء، كما أنها تضم مجمعات تسوق فاخرة عدة من أبرزها الأفنيوز وهو مجمع التسوق الأكبر خليجيا والأكثر فخامة، كما تضم الكويت عددا هائلا من المطاعم المتميزة ولا غرابة، فكثير من الخليجيين يأتون للكويت فقط من أجل التمتع بالطعم الحقيقي للمأكولات.

هناك من يردد أن الكويت عاصمة الكآبة، وهو اتهام ظالم فالكويت التي ترفض البهجة المزيفة التي تنتج عن السماح بالخمور، وبالمراقص والديسكوات المنفلتة، تجد في شوارعها ومرافقها العامة الحركة والبهجة وتجد الناس يملأون الأماكن بروحهم وصخبهم، وهو أيضا ما قد لا تجده في بلدان عدة لا تكاد تشعر في شوارعها بالنكهة الخليجية العربية وبالروح الحميمة. 

كل هذا التميز الكويتي لا يظهر واضحا للأسف، لأن الدول الأخرى لديها خطط إعلامية وإعلانية مدروسة تستهدف الترويج لها، فيركز الناس من الخارج على ما يلمع ولا ينتبهون لكل ما هو شاحب.

في حين لا تملك الكويت أي خطة للترويج، فالقياديون الذين يفترض أن يكونوا مسؤولين عن ذلك يتم تعيين معظمهم بالواسطة بمن فيهم بعض الوزراء، فيتمتع هؤلاء بالمنصب والمنافع المالية، ولا يقومون بأي عمل أو مبادرة جادة خوفا من الوقوع في الخطأ فالمحاسبة، وهم لا يعلمون أن وجودهم بحد ذاته كارثة حقيقية. 

الكويت أيضا بلد ديموقراطي وحريات التعبير والحريات العامة فيه مكفولة، والمجتمع المدني نشط جدا وفاعل ومؤثر، والانسان الكويتي بشكل عام ورغم بعض التراجعات يحظى من السلطات كافة بالاحترام والتقدير، فلا زوار فجر ولا إخفاء قسري، والملاحقات السياسية التي تزايدت أخيرا ورغم أنها مرفوضة من حيث المبدأ، فإنها كانت أمرا عارضا وارتبطت بأحداث كبرى مرت بها الكويت، واستطاع الرأي العام الكويتي التصدي لها ومواجهتها.

في الكويت المواطن يتمتع بسلسلة طويلة من المميزات والخدمات التي يستحقها، والتي تمت معظمها وفق قوانين صدرت من مجلس الأمة، وهي تقدم كحق أصيل للشعب وليس كمنة أو فضل أو شفقة.

هناك علاوة لكل طفل منذ لحظة ولادته قدرها 50 دينارا، وهناك منحة زواج قدرها ألفا دينار كمنحة، و4 آلاف دينار تسترد على شكل أقساط ومن دون فوائد.

والمواطن الكويتي يحصل على أرض سكنية مساحتها لا تقل عن 400 متر مربع بسعر لا يصدق وهو 4 آلاف دينار، ويتم دفعه غالبا من قرض البناء السكني الذي يبلغ 70 ألف دينار إضافة لمواد بناء إضافية بعضها مجاني والبعض بدعم كبير. 

الدراسة في الكويت مجانية للمواطنين منذ مرحلة رياض الأطفال وإلى حين نيل الدكتوراه، كما أن الطلبة الكويتيين في مختلف الجامعات والكليات التطبيقية في الكويت يحصلون على إعانة قدرها 200 دينار منذ لحظة قبولهم ومن دون الحاجة إلى تقديم أي اثباتات، كما أن البعثات الداخلية والخارجية إلى مختلف دول العالم متاحة وبشروط سهلة جدا.

نظام التأمينات الاجتماعية في الكويت يعتبر أحد أفضل النظم في العالم، إن لم يكن أفضلها، فاستقطاعات الاشتراك يتحمل المواطن الكويتي الجزء الأقل منها في حين تتحمل الحكومة وجهة العمل وفق القانون الجزء الأكبر منها، مع ملاحظة أن ذلك ليس بفضل من الحكومة أو جهة العمل انما استحقاق قانوني ملزم.

في مجال الصحافة، الكويت تتسيد العالم العربي وفقا لتقارير عالمية ذات اعتبار، ومنها منظمة مراسلون بلا حدود، كما أن حركة التدوين والتغريد في الكويت تعتبر من الأبرز عربيا، الأمر الذي جعل للكويت قوة ناعمة لا يستهان بها وتتجاوز حجمها بكثير.

أما في المسرح، فالكويت كما هو معروف من الدول ذات التاريخ المسرحي المشرف، والآن تعتبر من أكثر الدول من حيث الانتاج المسرحي، ورغم أن معظم هذا الانتاج يعاني اشكالات ضعف النصوص إلا أن هذا لا ينقص من التأثير الواضح للمسرح الكويتي في منطقة الخليج العربي.

الحديث هنا عما هو إيجابي، والحديث يطول أيضا عما هو سلبي، والفكرة العامة أن تزايد السلبيات لا يعني عدم وجود الإيجابيات، وأن ذكر هذه الإيجابيات لا يعني إخفاء للسلبيات، ولا تزلفا ونفاقا للحكومة بل يأتي من باب إحقاق الحق، والافتخار بما يحقق الشباب الكويتي من منجزات.

قليل من الايجابية لا يضر.

تعليقات

اكتب تعليقك