بين الخرافي وحماد: هل يتم قتل لجنة المكلسن بحجة تصريحات حماد؟
زاوية الكتاباثير الموضوع للانتقام من الصقر وتشويه سمعة السعدون، فتحول شوكة في البلعوم
كتب سبتمبر 9, 2009, منتصف الليل 2484 مشاهدات 0
رئيس مجلس الامة في الكويت يحاط علما عبر المستشارين القانونيين ومن ضمنهم الخبراء الدستوريين بأدق تفاصيل الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الامة إما عبر تقارير أو عبر سماعة يضعها الرئيس خلال الجلسات لهذا فالرأي القانوني يكون دوما تحت نظر الرئيس .
ومع هذا فهو في النهاية رجل سياسة وأتى لهذا المنصب عبر إنتخابه أولا كعضو في مجلس الامة ولهذا فتطبيق اللوائح والقوانين يخضع لتقديره للامور وهو أمر يتيحه الدستور واللائحة الداخلية في مواضع ولا يتيحه في مواضع أخرى وفقا للقضية الإجرائية المنظوره .
ومن هنا فإن الرسالة التي وجهها رئيس مجلس الامة الحالي جاسم الخرافي إلى رئيس لجنة التحقيق في قضايا المال العام النائب سعدون حماد وهدده فيها صراحة بوقف عمل اللجنة وعرض الامر على مكتب المجلس ثم على مجلس الامه تتطلب الوقوف عندها وتحليل مضمونها لمعرفة ما إذا كان رئيس مجلس الامة قد تجاوز صلاحياته من عدمه .
وبتحليل مضمون رسالة رئيس مجلس الامة نجد انها تتضمن الآتي :
* اتهم رئيس المجلس رئيس اللجنة بأنه 'يدلي بتصريحات في الصحف اليومية بأسلوب يوحي بأن اللجنة قد انتهت فعلا من التحقيق وخلصت منه، إلى نتائج معينة، مع ان اللجنة لم تقدم بعد تقريرها إلى المجلس في هذا الشأن.
* رأى ان نشر هذه التصريحات في وسائل الإعلام يتعارض تماما مع المادة 54 من اللائحة الداخلية.
* إستنتج أن هذه التصريحات توحي بعدم حيادية اللجنة في عملها.
* رأى أن هذا الأمر الذي يؤثر في مصداقية النتائج التي تنتهي إليها.
* بين ان اسلوب رئيس اللجنة اصدر احكام مسبقة تجاه شخصيات محددة غير المقبول لائحيا وبرلمانيا.
* اقترح ان يكون هناك ناطق باسم اللجنة يكتفي بعد انتهاء كل اجتماع بالإدلاء بتصريح يوجز خلاصة ما تم فيه.
* طلب من رئيس اللجنة بعدم الإدلاء بأي تصريحات عن موضوع التحقيق الذي تجريه اللجنة إلا بعد أن تنتهي من مهمتها وتقديم تقريرها في شأنه إلى المجلس.
* هدد رئيس المجلس رئيس اللجنة بعرض الأمر على مكتب المجلس لإيقاف اللجنة عن العمل وعرض الموضوع على المجلس في أول جلسة له.
وفقا لصلاحيات رئيس مجلس الامة والتي حددتها المادة 30 من قانون اللائحة الداخلية فإن لرئيس المجلس الحق في مراقبة أعمال اللجان الدائمة والموقتة ولجان التحقيق ويأتي من ضمن ذلك لفت إنتباه هذه اللجان إلى أي تجاوز على الدستور أو اللائحة في أعملها .
وقد إستند رئيس مجلس الامه على المادة 54 من قانون اللائحة الداخلية والتي تنص على ان جلسات اللجان سرية مع ملاحظة ان الدستور الكويتي لم يذكر ما إذا كانت هذه الجلسات سرية أم علنية .
ورغم ان مكتب مجلس الامة غير مختص ببحث مدى التزام اللجان البرلمانية في اعمالها الا انه يجوز للمكتب بحث الأمر إذا ما عرض ذلك رئيس المجلس وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون اللائحة الداخلية وهي المادة التي تحدد صلاحيات المكتب وحدود سلطته .
وبهذا يكون الموضوع الرئيسي في رسالة رئيس مجلس الامة ليس الطلب من رئيس اللجنة عدم الإدلاء بتصريحات صحافية يرى رئيس المجلس انها تخالف المادة 54 من قانون اللائحة الداخلية بل يكون :
1) التشكيك في حيادية اللجنة.
2) التخوف من التشكيك في مصداقية نتائج اللجنة لاحقا .
ولأن موقف رئيس اللجنة لا يمثل سوى نفسه, ولأن هناك فرق بين إدارة رئيس اللجنة لجلساتها وبين النتائج التي سيتضمنها التقرير وفقا لتصويت أعضاء اللجنة وليس وفقا لتصريحات رئيس اللجنة ,فإن رئيس المجلس يكون هنا قد تجاوز صلاحياته في رقابة أعمال اللجان من حيث الشكل الإجرائي وفقا للمادة 30 من قانون اللائحة وتعدى ذلك إلى إصدار حكم مسبق على أعمال هذه اللجنة وكان له أن يكتفي في رسالته بالطلب من رئيس اللجنة بعدم التصريح لأن ذلك يخالف طبيعة عمل اللجان السرية .
كما ان تهديد رئيس مجلس الامة في رسالته لرئيس اللجنة بأنه سيعرض الأمر على مكتب المجلس لإيقاف اللجنة عن العمل وعرض الموضوع على مجلس الامة لاحقا أمر فيه شبهة التعدي على صلاحيات مكتب المجلس حيث أن القرار في تحويل الموضوع إلى الجلسة العامة يكون لأعضاء مكتب المجلس وبعد القيام بالتصويت على الموضوع أي ان مكتب المجلس قد يرفض ذلك أو قد يحفظ الموضوع ولهذا فصلاحيات رئيس المجلس في هذا الشأن لا تتعدى لفت إنتباه رئيس اللجنة ثم عرض الموضوع على مكتب المجلس على شكل اقتراح وليس قرار ملزم .
لجنة التحقيق في قضايا المال العام أتت عن طريق الانتخاب ولا يمكن ان توقف عن العمل إلا عن طريق تصويت مجلس الأمة ووفقا للآليات الدستورية لهذا فإن تناول بعض الصحف لرسالة رئيس المجلس وكأنها تهديد بوقف عمل اللجنة أمر فيه عدم أمانة في النقل فرئيس المجلس ورغم عدم الوضوح في رسالته إلا أنه لم يقل بصورة مباشرة أنه سيوقف عمل اللجنة وإن كانت مضامين الرسالة ليست بعيدة عن ذلك .
هذا عن الشق الإجرائي أما عن الشق القانوني فالأمر يحتاج إلى مزيد من التوضيح فيما إذا كانت تصريحات رئيس اللجنة إنتهاكا للسرية من عدمه إذ أن السرية المقصودة في أعمال اللجان عدم حضور غير المخول لهم إلا بناء على دعوة من رئيس اللجنة المختصة أما الكشف عن تفاصيل ما يدور في هذه اللجان فالأمر يخضع لتقدير من يحضر هذه الجلسات فمثلا حين يحضر الوزراء للجان الدائمة او الموقتة فإنهم يصرحون بتفاصيل التفاصيل ولم يمنعهم أحد أما في لجان التحقيق فيطلب عادة رؤساء هذه اللجان من الضيوف عدم الكشف عن سرية التحقيق وهو طلب أدبي لا يوجد نص يفرض عقوبة على من يخالفه كما في حالة الحكم القضائي الشهير بجواز نشر الصحف المحلية لوقائع الجلسات السرية لمجلس الامة في القضية المشهورة التي رفعها رئيس مجلس الامة الحالي ضد 3 من الصحف قامت بنشر تفاصيل هذه الجلسات .
ويلاحظ هنا أن الدستور الكويتي لم ينص على أن جلسات لجان المجلس سرية وإنما أتت السرية من المشرع العادي ما يجعل أمر نشر ما تضمنته أعمال اللجان أكثر سهولة إذا ما تم قياس ذلك بالحكم القضائي الذي أجاز نشر الجلسات السرية لمجلس الامة رغم ان هذه السرية وردت في نصوص الدستور .
رئيس مجلس الأمة وأعضاء مجلس الأمة يفترض أن يكونوا بمنزلة الحكماء فالنائب منهم يمثل الأمة جميعا ولهذا فالأمور في معظمها يفترض ان تخضع لمدى تقديرهم للمصلحة العامة لا للمصلحة الشخصية أو التجارية أو الحزبية .
كما أن الثقافة الدستورية أمر يجب أن يشيع في المجتمع حتى يعرف كل مواطن تدريجيا كيف تدار الأمور , وحتى لا يحتكر تفسير الدستور وفهمه على مجموعه من الأكاديميين الذين يصورون للغير أن الدستور غامض ومبهم وغير قابل للفهم أو التفسير إلا عبر بوابتهم .
مشروع الفحم المكلسن برأيي تمت إثارته في مجالس سابقة إنتقاما من النائب السابق محمد الصقر ومن النائب الحالي أحمد السعدون ولكن حينما تغيرت الأمور فانه أصبح مثل الشوكة التي يغص بها كل بلعوم ولهذا لا أستبعد أن يستند أحد ما إلى رسالة رئيس المجلس إلى رئيس اللجنة ليطلب من المجلس رفض نتائج اللجنة بما فيها سحب المشروع وإعادته للدولة بسبب :
1) التشكيك في حيادية اللجنة.
2) التشكيك في مصداقية نتائج اللجنة مسبقا .
رسالة الخرافي لسعدون حماد : هل ' تكنسلت ' لجنة 'المكلسن ' ؟
(نشرت مع مدونة القحطاني بالتزامن)
تعليقات