طلال عبدالكريم العرب: «لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي»

زاوية الكتاب

كتب طلال عبد الكريم العرب 583 مشاهدات 0


«لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي»، والمثل فيه كثير من الكِبَر وفيه أيضا دونية، فكأنه يقول: ليس لدي مانع لو أن من لطمتني امرأة تلبس سواراً، أي امرأة حرة ذات شأن، أو لو ظلمني من كان كفؤا لي لهان عليّ، وهذه حقيقة قمة الدونية، ولكن أن تلطمني امرأة بلا سوار، فهو العار بعينه، وهذه قمة التعالي، حتى أن الشاعر دعبل الخزاعي قال في ذلك:

فَلَو أَنّي بُليتُ بِهاشِمِيٍّ

خُؤولَتُهُ بَنو عَبدِ المَدانِ

صَبَرتُ عَلى عَداوَتِهِ وَلَكِن

تَعالَي فَاِنظُري بِمَن اِبتَلاني

وراء المثل «لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي» رواية، فيقال إن امرأة من العرب تعدت على حاتم الطائي لسبب ما فلطمته، فقال ما أصبح بعدها مثلا: «لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي»، فقد أحس الرجل بأن مصيبتين قد لحقتا به، أولاهما أن التي لطمته امرأة، والثانية أن تلك المرأة ليست بذات شأن، إذ ليست من اللاتي يلبسن الأساور، أو ليست من الحرائر، لأن العرب كانوا قلما يسمحون للإماء بلبس الأساور.

وقد كان وجهاء العرب يحذرون الإهانة التي تبقى حديث الأجيال، كما بقي هذا المثل، ويضعون أنفسهم في المواضع التي يبقى فخرها ويطيب ذكرها، ففضّل الشجاع منهم الموت في ساحات القتال على الموت في فراشه، لأن الموت في الفراش كما اعتقدوا للجبناء.

وحتى أن بعضهم كره الموت في بيت لا يناسب شرفه، وبين قوم أقل منه حسبا ونسبا، فيقال إن الموت أدرك حاتم الطائي وهو عائد إلى أهله، وكان في منزل من يعدهم دونه شرفا، ولما تأكد أنه سيموت لم يؤلمه أن تدركه منيته، بقدر ما آلمه أنه سيموت في بيت امرأة من بني سلول.

والمراد هنا أن هذا المثل يقال حين يتجرأ الضعيف على القوي، أو يسب الوضيع الشريف، أو يتطاول الصغير على الكبير، أو يتغلب العاجز على ذي الحيلة، أو للكريم يظلمه الدنيء، فلا يقدر على احتمال ظلمه، عندها يقال: «لَوْ ذاتُ سِوَارٍ لَطَمَتْنِي».

ملحوظة: مثل منقول من التراث بتصرف.

تعليقات

اكتب تعليقك