#شعر | محمد أبو شرارة: الكتاب

فن وثقافة

الآن 3676 مشاهدات 0


الكتابْ

"لستَ تعلمُ مَن يحتسي منكما نخبَ صاحبِه
فهو يُعطيكَ يأخذُ
تُعطيه تأخذُ
حتى تذوبَ المسافةُ بينكما
ويَشِفَّ الحجاب"

نعم هو الكتاب الذي يفرش بين يديك معالم الحياة ، ويأخذك في آلة الزمن نحو مشارف التاريخ، يصبغ جدار وقتك لوناً ذهبيًّا ، يؤثث ذاكرتك بأرائك المعرفة .

هنا الشاعر السعودي القدير
محمد أبو شرارة يصافح متابعي هذه المساحة الأدبية بقصيدة رائعة تتناول قيمة الكتاب في صور شعرية خلاقة ، ولوحات مجازية مورقة ، فلا أظن أن أحداً  تناول أهمية الكتاب شعراً وبهذا الإسهاب وجمالية المقاطع كما تناولها المتألق
محمد أبو شرارة:

الكتابْ

قمرٌ في الدُّجى ، أو شِهابْ
هكذا قالتِ الريحُ ؛ والريحُ بابْ

الكتابْ

حينَ تمنحُه الوقتَ ؛
يعطيكَ أَزمنةً
ويُؤثثُ حولَ شبابيكِ عينيك أغنيةً
ليُمهِّدَ شرفةَ روحِك للغَيبِ
يَدْعَكُ عينَك من نومِها
لترى الله خلف الضبابْ

الكتابْ

ليس لصًّا .. !
ولكنَّه يسرقُ القلبَ
يُصبحُ ليلاك
حتى تَهيمَ به واحداً لا سِواهْ
وتجعلَ
كلَّ النساءِ على الرَّفِّ حين تُعانقُه
ليَطُولَ بك السُّهْدُ
تَلثُمُ كأسَ مَجازاتِه
تنتشي دونَ نايٍ
وتَسْكَرُ دونَ شرابْ

الكتابْ

آيةُ اللهِ للخلقِ
رغبتُه في اكتمالِ الحياةِ
طريقتُه في مباركةِ العُمْرِ
حِكمتُه في بناءِ اليبابْ

الكتابْ

زهرةٌ نَذَرَتْ عُمرَها للنَّدى
وأفاضتْ على الأرضِ مِنْ  
عِطرِها
لونِها
زهوِها
ثم تصبح ذاكرةً للغيابْ

الكتابْ

لستَ تعلمُ مَن يحتسي منكما نخبَ صاحبِه
فهو يُعطيكَ يأخذُ
تُعطيه تأخذُ
حتى تذوبَ المسافةُ بينكما
ويَشِفَّ الحجابْ

الكتابْ

أنْ تَفِرَّ الدَّقائقُ من غرفةِ الوقتِ
ترسَخُ في الأبديَّةِ
أنْ يصبحَ الوقتُ في قبضةِ الكلماتِ
كما نوتةٍ تقبضُ اللحنَ
حتى يَحينَ الكَمانُ
ويَأذَنَ أنْ يستحيلَ بكاؤكَ أغنيةً
والأغاني اغتِرابْ

الكتابْ

ضِحكةُ امرأةٍ فتحتْ دفترَ الروحِ
ترسُمُ فوقَ خطوطِ التَّبصُّرِ شمسًا
مدًى أزرقَ المجتلَى
موسِمًا مثخنًا بالورودِ
وأرجوحةً
وسحابْ

الكتابْ

أُكْسِجينُ العُبورِ
وتذكرةٌ للذَّهابْ
رحلةٌ ليس فيها إيابْ

الكتابْ

قلقٌ ثابتٌ
ويقينٌ يُعلِّمُك الارتيابْ

الكتابُ صديقْ
والكتابُ طريقْ
والكتابُ يدُ اللهِ إنْ شئتَ أنْ تستفيقْ.

تعليقات

اكتب تعليقك