داهم القحطاني: إيران حين تتحول إلى «شامان»

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 717 مشاهدات 0


ماذا تعني الاستجابة الإيرانية لمبادرة التهدئة الصينية التي نتج عنها اتفاق سعودي إيراني يتضمن التهدئة واستئناف العلاقات الدبلوماسية؟ 

الحكومة الثورية في ‫إيران‬ استسلمت للأمر الواقع الذي يقضي بهزيمتها النسبية، وتراجعها عن تدخلاتها الإقليمية في اليمن وسوريا ولبنان.

لن يمكنها التلاعب هذه المرة بتعهداتها، ومن الضروري أن تخفف إلى حد كبير من دعمها لميليشياتها في هذه الدول لكي لا يواجه هذا الاتفاق طريقا صعبا أو ردة فعل صينية، وقد توصل الأوضاع الداخلية في إيران إلى ثورة داخلية حقيقية.

هذه الحكومة ذات التاريخ الحافل بالتهديد والوعيد بلعت لسانها، وخفضت رأسها، وقررت أن تكون مطيعة جدا للمبادرة الصينية، فالسكين بدأت بالفعل تصل إلى العظم.

الخيار الأفضل خليجيا كان اتباع سياسة كسر الأنياب وتقليم المخالب ليتغير النظام بهدوء رغما عن الحرس الثوري، ورغما عن الدائرة المحيطة بصناع القرار وهذا يمكن أن يأتي عبر الاستجابة للمبادرة الصينية، كما أن الانهيار المفاجئ للنظام الإيراني قد يحول الخليج العربي إلى بحيرة من نار. 

ميدانيا راقبوا اليمن، فالحوثي سيبدأ سلسلة من التراجعات سيسميها مبادرة سلام لكنها في حقيقتها ستكون تعاملا واقعيا مع تخلي الحكومة الإيرانية عن دعمه بالسلاح الثقيل المؤثر.

وفي لبنان، سيكف حزب الله يده عن تشكيل الحكومة، وسيعلن سلسلة من مبادرات التهدئة تنتهي بهدنة طويلة تنتظر تراجعا إيرانيا عن سياسة النأي بالنفس التي يبدو أنها ستستمر لحقبة كاملة.

في سوريا، قرر النظام السوري نقل أوراق اللعبة كاملة إلى روسيا، في محاولة أخيرة لتثبيت نفسه في أعقاب التهدئة الإيرانية المتوقعة.

هذه المحاولة السورية تعني أن مصير بشار الأسد ومن يدعمه في الداخل مرتبط بأي تسوية بين روسيا، ودول الناتو، وهي تسوية بدأت الصين العمل عليها. 

طبعا ستكون هناك محاولات تجميل من قبل كتاب ومراقبين سياسيين متعاطفين مع الحكومة الإيرانية لهذه الهزيمة عبر ربط هذا التراجع بشعارات السلام، لكنها بالطبع ستكون محاولات مكشوفة، فالحكومة الإيرانية نفسها تسابق الزمن في تقديم التنازلات، ولن يكون لديها أي وقت لتضيعه في التبرير خشية انفجار الأوضاع داخليا، وهو ما يبرر العتب الذي أرسله حسن نصرالله زعيم ميليشيا حزب الضاحية الجنوبية حين ذكر علنا عدم علم الحزب بالاتفاق الايراني السعودي، وتوقع على شكل أمنية مذلة وعلى غير يقين، بأن هذا الاتفاق لن يكون على حساب الحزب.

«العمر يا شامان» مثل خليجي شهير، يعني أن الانسان يمكن أن يتحول إلى النقيض، ويتراجع عن كل ما يرفض إذا تعرضت حياته للخطر.

إيران تحولت من حكومة تملأ الدنيا بالتهديد والوعيد إلى مجرد «شامان» يحاول الإبقاء على حياته.

تعليقات

اكتب تعليقك