د حمد العيسى يترجم: تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية

منوعات

470 مشاهدات 0


صدر حديثاً كتاب "تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية". الكتاب من تأليف الباحث التركي-الأمريكي د. يوسف أونال وآخرون ومن ترجمة وتحرير وتعليق الباحث والمترجم السعودي د. حمد العيسى ، المقيم في الدار البيضاء. يشير العيسى في صدر الكتاب إلى أنه تجاوز سقف 2 مليون كلمة مترجمة من الإنكليزية إلى العربية منذ بداية عمله في الترجمة عام 2005. يقع الكتاب في 306 صفحة من الحجم الكبير. وصدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. يتكون الكتاب من ثلاثة دراسات: (1) تأثير سيد قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية ، (2) معضلات الوحدة الإسلامية ، (3) هل نجح الإخوان في محو إرث تعاطفهم المبكر مع الثورة الإيرانية؟!
ويتساءل المترجم العيسى في مقدمته: ولكن مهلاً! كيف يمكن أن يؤثر سيد قطب المتوفى عام 1966 في الثورة الإسلامية الإيرانية التي قامت في عام 1979؟! ويجيب: هذا هو سر ومفتاح هذه الدراسة النوعية. لقد وضع المؤلف النَّابِهُ واللَّمَّاحُ فرضية لم يسبق أن بُحثت بجدية كما قال، ثم سافر إلى طهران لاختبارها ، حيث زار "مكتبة إيران الوطنية" التي يوجد فيها نسخة واحدة ، على الأقل ، لكل الكتب المطبوعة في إيران. وحصل من تلك المكتبة على جميع كتب سيد قطب المترجمة إلى الفارسية ، وقام بتصوير مقدمة المترجم لكل كتاب. ومن ثم عاد إلى جامعته في الولايات المتحدة (جامعة إيموري في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية). وقام هناك بتحليل تلك المقدمات ، ومن ثم استخلص نتائج مدهشة وكتب دراسة تعد "الأولى" من نوعها في العالم كما وصفتها "مجلة دراسات الإسلام والمسلمين" التي نشرتها في نوفمبر 2016 وهي مجلة أكاديمية رصينة تصدرها جامعة ولاية إنديانا الأمريكية.
وكتب المؤلف د. أونال ملخصاً لدراسته المنشورة في الفصل الأول من هذا الكتاب جاء فيها:
فَحَصَتْ دراسات عديدة انتشار فكر سيد قطب وتأثيره في تشكيل الأيديولوجية الإسلاموية السنية في العالم الإسلامي السني؛ غير أنّه لم يُكرّس سوى اهتمام بسيط جدًا لتأثير قطب في الثورة الإسلامية الإيرانية. وتجادل هذه الورقة بأن سيد قطب كان شخصية مؤثرة جدًا على الثوار الإيرانيين، ولعبت أفكاره دورًا فعالًا في تشكيل الخطاب الإسلاموي الإيراني قبل قيام الثورة وتأسيس الجمهورية الإسلامية. تبدأ الورقة باستكشاف الروابط الشخصية والأيديولوجية بين سيد قطب وإسلامويين إيرانيين بارزين في مرحلة ما قبل الثورة (1979)، ثم تدرس كيف أدت هذه الروابط إلى حركة ترجمة واسعة النطاق لكتب قطب خاصة ومفكري الإخوان عامة ، عملت على تبسيط أفكاره وترويجها لتسهيل استيعابها شعبيًا في إيران. وعبر حركة الترجمة هذه، نُقلت معظم أعمال قطب الرئيسة وخاصة كتاب "في ظلال القرآن" إلى الفارسية من قبل إسلامويين إيرانيين بارزين في ذلك الوقت؛ مثل المرشد الأعلى الإيراني المستقبلي آية الله علي خامنئي والمترجم الإيراني الإسلاموي الشهير حجة الإسلام سيد هادي خسروشاهي ، الذي يعد المروج والمناصر الأول ، لترجمة كتب سيد قطب خاصة ومفكري الإخوان عامة إلى الفارسية. ولا تزال هذه الأعمال مطبوعة ومتوفرة بسهولة في جمهورية إيران الإسلامية، حتى اليوم. وأخيرًا، تناقش الدراسة إرث سيد قطب في إيران المعاصرة، حيث تُعاد قراءة وتقييم كتاباته في ضوء التطورات السياسية الإقليمية المعاصرة؛ خاصة صعود السلفية الجهادية المتجسدة في تنظيمي القاعدة وداعش والنصرة وغيرها. وتحقيقًا لهذه الغاية، نظمت جامعة طهران مؤتمراً تاريخياً نادراً حول فكر سيد قطب في طهران في فبراير 2015 بعنوان "إعادة قراءة وتقييم فكر سيد قطب" ، وهو "أول" مؤتمر دولي عن فكر سيد قطب وسيكون على الأرجح "آخر" مؤتمر عنه ، وحضره العديد من العلماء والمفكرين البارزين. ونقدم في هذه الورقة لمحات عن أهم مداولات المؤتمر ، التي حصلنا عليها بشكل حصري لكونها غير منشورة ، وهي مداولات متباينة ومدهشة (مع أو ضد سيد قطب). ولا يعد هذا المؤتمر مؤشرًا جيدًا على استمرار أهمية قطب في إيران فحسب؛ ولكنه يقدم أيضًا صورة للتغييرات والاستمرارية في رؤية الأوساط الفكرية الإيرانية والعالمية لفكر سيد قطب.
يشير أونال في البداية إلى أن ترجمة كتب سيد قطب إلى الفارسية بدأت في خمسينيات القرن العشرين، وبلغت ذروتها في الستينيات والسبعينيات. وفي الوقت نفسه، لم يكن سيد قطب هو المفكر الإسلاموي الوحيد الذي تُرجمت أعماله إلى الفارسية؛ فقد ترجمت إلى هذه اللغة أيضاً كتب مؤلفين إسلامويين مشهورين من جنوب آسيا، مثل أبي الأعلى المودودي وأبي الحسن الندوي. كما تُرجمت كذلك معظم كتب محمد قطب. وكذلك ترجمت كتب حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين؛ ولكن من ضمن جميع تلك الكتب، حظيت كتب سيد قطب بأكبر قدر من الاهتمام والدراسة بين الإسلامويين الإيرانيين قبل الثورة وبعدها.
كذلك تحدّث في مؤتمر 2015 المترجم الشهير حجة الإسلام هادي خسروشاهي، وهو شخصية إسلاموية مرموقة وتلميذ لروح الله الخميني وكما فعل خسروشاهي في مقدمات ترجماته الفارسية لكتب قطب، أكد أيضًا في ورقته أن أفكار سيد قطب أدت دورًا مهمًا في انبثاق الحركة الإسلاموية العالمية وبزوغ الأيديولوجية الثورية في إيران!
وعلى الرغم من ردود الفعل المتنوعة داخل إيران حول فكر سيد قطب كما ورد في مؤتمر عام 2015، فإن سيد قطب لا يزال مقروءًا في إيران وتواصل دُور النشر إصدار طبعات جديدة عديدة من أعماله بالفارسية حتى الآن. ويعد مؤتمر طهران عام 2015 حول قطب مؤشرًا جيدًا إلى أن تأثير قطب "مستمر ومتواصل" في إيران حتى اليوم، وأن أفكاره لا تزال تعتبر جديرة بالنقاش. ويوضح انعقاد المؤتمر أيضًا كيف أُعيد تشكيل صورة قطب في إيران اليوم، في سياق التطورات السياسية المعاصرة في هذا البلد وفي العالم الإسلامي الأوسع.


المؤلف د. يوسف أونال

المترجم والمحرر د. حمد العيسى

أول ترجمة فارسية لكتاب في ظلال القرآن

تعليقات

اكتب تعليقك