مبارك الدويلة: حقيقة التخلف في الكويت

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 1029 مشاهدات 0


يكثر «تحلطم» الكويتيين هذه الأيام بسبب ما آلت إليه الأمور في البلاد من شلل ساهم في زيادة معاناة الشعب الذي لا يحتاج إلى كثير معاناة، فيكفيه أنه يعيش في دولة تسير بالتكليف من رأس الهرم الحكومي إلى القاعدة.. والمسؤولون فيها لا يعلمون مصيرهم، والكل ينتظر الدخان الأبيض ليعرفوا التشكيلة الحكومية الجديدة. وهذا الوضع نتج عنه مزيد من الجمود في مشاريع التنمية، وتعطل خطط التطوير والإصلاح، والمحصلة النهائية تخلف وتردٍ في جميع القطاعات تقريباً.

الجميع يدرك أن الكويت متخلفة عن دول الخليج التي سبقتنا في معظم الميادين، حتى وصل بنا الحال إلى أن نرسل لهم وفداً لمعرفة نوع خلطة الأسفلت التي يستخدمونها في شوارعهم! 

لكن البعض وجدها فرصة ليقول إن الضوابط الشرعية هي التي جعلت السياحة عندنا متخلفة، وجعلت الكويت في آخر الركب..

والبعض الآخر ألقى باللوم على الممارسة الديموقراطية، مدعياً أن الدول التي تسيّر أمورها بالحكم الفردي one man show هي التي تتخذ قراراتها بسرعة وتحسم أمورها بعيداً عن الجدل الذي تضيع معه الفرص.

وعلى العكس من ذلك، يأتي فريق ثالث ليقول إن عدم الإيمان بالديموقراطية والدستور أدى إلى حالة عدم الاستقرار وتعثر الحياة النيابية والسياسية، وما ينتج عن ذلك من تعطل وجمود في جميع الميادين.

***

الفريق الأول ينعى السياحة في الكويت، ويطالب بتخفيف الضوابط الشرعية، ويتباكى على قلة مظاهر الفرح، ويضرب مثالاً بالحفلات الغنائية التي يتم إحياؤها في الدول الشقيقة، والحقيقة هو يرمي إلى غير ذلك، فالحفلات الغنائية لم تتوقف في الكويت إلا سنة كورونا، وحفلات الفنادق كذلك، وبعض الفتيات عندنا يلبسن من الملابس ما يعتبر محرماً في شوارع بعض دول الخليج، حتى كنا، إلى عهد قريب، نشاهد بعض الشباب يتسكعون في أسواقنا ليشاهدوا ما لم يشاهدوه عندهم، وإنما هم يطالبون بالمسكرات وغيرها كي يشبعوا رغباتهم، وليس للتخلف السياحي الذي تعيشه الكويت أي علاقة بما ذكروه.. يكفي كي تعرف حجم مأساة سياحتنا أننا هدمنا المدينة الترفيهية الوحيدة الموجودة لدينا من دون إيجاد بديل لها.

***

الفريق الثاني يعتبر البرلمان وديوان المحاسبة والاستجوابات سبب تعطل التنمية، وسبب الصدام المستمر مع الحكومة.

وبصراحة، هذه كلمة حق يراد بها باطل! فقد تكررت ظاهرة الصدام بسبب تصرفات بعض نواب الأمة، لكن الطرف الآخر (الحكومة) كان عليه تحمل تصرف النواب ما دامت إجراءاتهم ضمن اللائحة والدستور، فخذ مثلاً الاستجوابات، فالحكومة تنزعج منها لأنها تشل البلد وتتعطل أعمال وزارة الوزير المستجوب، وهذا الوضع خطأ، ففي الدول الديموقراطية تكون الاستجوابات يومية من دون أن تتعطل مصالح البلاد والعباد، فالوزير إن كان على حق، فلا داعي للانزعاج، وإن كان على باطل، فيستحق ما ستؤول إليه الأمور.

كم مرة اشتكت الحكومة من بطء الدورة المستندية لديها.. منذ سنوات عدة نسمع توجيهات مجلس الوزراء يطالب وزراءه باختصار الدورة المستندية، وإلى اليوم الكتاب في هذا القسم يحتاج إلى أسبوعين كي يتحول إلى القسم الذي يليه.. ونشتكي بعد ذلك من التخلف؟!

كما أن العلة والسبب في التخلف السياسي هي نظرة الحكومة للديموقراطية وممارستها بهذا الشكل، وهذا التخلف السياسي يؤدي إلى تعطل مرافق الدولة وتأخر مصالح البلاد والعباد.. ونعيش دورة التخلف الكلي للدولة في جميع المجالات. 

***

أثناء كتابة هذا المقال، صدر مرسوم بتكليف رئيس الوزراء تشكيل حكومة جديدة، وبهذه المناسبة نقول لسموه احرص على أن تختار وزراءك بنفسك. واحرص على أن تختار الوزير الذي يتقبل الممارسة النيابية بصدر رحب ولا يهاب المحاسبة، وهذه النوعية لن تجدها إلا عند القوي الأمين.

تعليقات

اكتب تعليقك