«يا الله هاد أبوي».. عبدالهادي شهيدًا بين يدي نجله المسعف في نابلس

عربي و دولي

الآن - وكالات 242 مشاهدات 0


«ولك يا الله أبوي.. هاد أبوي»، هذه ليست مجرد صرخات عادية لشاب تعرف على والده من بعيد، وإنما صرخات ممرّض فلسطيني في مستشفى النجاح بنابلس، تبيّن له أن المصاب الذي حاول إسعافه قبل الإعلان عن استشهاده، هو والده عبدالهادي.

عبدالهادي عبدالعزيز أشقر – 61 عاماً – فلسطيني من سكان مخيم عسكر للاجئين، أصيب برصاصة قاتلة في أثناء عمله في تدريب السواقة بالمنطقة الشرقية للمدينة، لكنه فارق الحياة في المستشفى ولم تنجح محاولات اسعافه، لينتهي به الأمر شهيداً بين يدي نجله المسعف الذي لم يكن يعلم أن والده هو المصاب الذي لبى النداء لأجله.

تلبية نداء الاستدعاء 

عبر رمز خاص يتم تشخيص حالة المريض ويستدعى لذلك الأطباء والممرضون والأطقم المساعدة، ولا سيما في حالة الطوارئ، لتقديم المساعدة بعيداً عن أسماء المرضى، فالمهم «إنقاذ حياة المريض أو المصاب».

يروي أحمد أسود، وهو ممرض العناية الحثيثة ورعاية القلب بمشفى النجاح الجامعي بمدينة نابلس، قصة زميله المسعف إلياس الأشقر، ويقول: «استدعينا عبر نداء الفريق المتخصص بإنعاش القلب إلى طوارئ المشفى، وكنت وزميلي إلياس أول الواصلين لإسعاف المصابين، وبينهم اثنان توقف قلبهما واستشهد أحدهما. حاولنا – رفقة الطبيب الجرّاح– إنعاش قلب المصاب الآخر، لكن سرعان ما أعلن استشهاده أيضاً، لحظتها نظرنا لوجه الشهيد، فكانت الصدمة، إنه والد إلياس».

الصدمة بدأت بعد توقف الجرّاح

«هذا أبوي.. هذا أبوي»، عبارة صادمة كانت أوّل ما قاله الممرّض إلياس الأشقر، حينما اكتشف أن الشخص الذي كان يحاول إنعاشه، في محاولة للإبقاء على حياته، هو والده، الشهيد عبدالهادي أشقر.

يقول أحمد أسود: «بقينا نحو 40 دقيقة نحاول إنعاش قلبه من دون أن نعرف من هو.. وكان إلياس يشاركنا العمل ويبذل كل ما في وسعه لإنقاذه.. لكن الرصاصة التي أصابته كانت من النوع المتفجّر القاتل استخرجت وحدي 15 شظية من قلبه».

وعبدالهادي واحد من 11 شهيداً قُتلوا برصاص قوات الاحتلال الصهيوني التي اقتحمت مدينة نابلس شمال الضفة الغربية صباح الأربعاء.

وتابع أسود: «بعد أن توقّف الجرَّاح وأعلن عن وفاة الشخص الذي بين يديه التفت إلياس لوجه المصاب وصاح بأعلى صوته أسود هاد أبوي هذا والدي)!».

وأضاف أسود: «هوية المصاب للصدفة في جيبي. أشهرت الهوية في وجه إلياس وسألته: هاد أبوك؟، ليجيب إلياس: صحيح هاد أبوي».

وزاد الحزن والصدمة أكثر لحظة وصول أشقاء إلياس الأربعة ونحيبهم الذي ملأ غرفة الطوارئ «أبوي مات، أبوي مات»، بينما أمسك إلياس وجعه وصمت.

حاولنا نخليه يكذب عيونه 

أظهر مقطع مصور بعض تلك اللحظات الصعبة حين بدا صراخ إلياس واضحًا: «يا الله هذا أبوي.. هذا أبوي».

وختم أسود بالقول: «صمتٌ رهيب في قسم الطوارئ، لا نعلم ماذا نقول، أو نتصرّف... تقبّله الله شهيداً».

المسعف وسيم مجد يعمل في قسم العناية المكثفة في مستشفى النجاح الوطني، ويقول إن أصعب المواقف التي مرّت عليه ولن ينساها، هي قصة زميله الممرض الياس، حيث كان يتقاسم معه دور الإنعاش لإحدى الإصابات، وبعد فترة أعلن الطبيب الجراح عن استشهاد المصاب، فترك الشهيد وذهب إلى إصابة أخرى، وما هي إلا لحظات حتى سمع صرخات زميله الياس «ولكم هاد أبوي».

يقول وسيم مجد: «حاولنا نخليه يكذب عيونه بس الحقيقة إنه أبوه».

المدير الطبي لمشفى النجاح الوطني الجامعي بنابلس عبدالكريم البرقاوي يقول إنهم عملوا بطاقم كبير الأربعاء تجاوز 50 طبيباً وممرضاً لإنقاذ شهيدين و16 مصاباً، بينهم حالات خطرة احتاجت لعمليات جراحية من دون حضور أهل المصاب أو معرفتهم. مضيفاً أنهم يطلقون أسماء ورموزاً خاصة بينهم على المرضى في أثناء علاجهم، ولهذا اهتم الممرض إلياس بإنقاذ المصاب من دون معرفته، «وصُدمنا جميعنا لحظة اكتشاف أن الشهيد هو والده».

ومثل الممرض إلياس، كانت حال المسعف في جمعية الهلال الأحمر محمد بعارة، الذي نقل قريبه الشهيد المسن عدنان بعارة (72 عاماً) من دون أن يعرفه. 

تعليقات

اكتب تعليقك