لابد من 'صعدة 'وإن طال السفر
عربي و دوليالموقف الخليجي بين الحياد وتجنب الابتزاز
سبتمبر 5, 2009, منتصف الليل 2544 مشاهدات 0
كانت مدينة (صعدة) مركزا للدولة الزيدية التي استمرت في حكم اليمن لمدة 1064عاما حتى سقوطها في صنعاء على يد الجمهوريين بقيادة المشير عبدالله السلال عام 1962م،وليس ذلك فحسب بل يتكئ أهل (صعدة) على تراث حربي ذاع من خلال القلاع العثمانية،و شهرة السيوف الصعدية في كل البلاد الإسلامية ،كما أن (صعدة) هي همزة الوصل وشريان رئيسي لليمن مع نجد والحجاز .
في مساء الاثنين31 أغسطس 2009م اختتمت أعمال اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته العادية (112) بقصر المؤتمرات في جدة،وكان مايخص اليمن إقرار انضمامه إلى اللجنة الوزارية للبريد والاتصالات!! دون الإشارة الواضحة إلى الإحداث الجارية في (صعدة) إلا بنقطتين يكتنفهما الغموض. الأولى : دعم دول الخليج الكامل لوحدة وأمن واستقرار اليمن،والدعم لكافة الجهود الهادفة لتعزيز الحوار وتغليب المصلحة الشاملة. والثانية :عن التنسيق لترتيب زيارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية إلى صنعاء حيث سيجري مشاورات، ومن ثم سيقدم تقريرا بالنتائج للمجلس. وهي الزيارة التي لم تتم إلا بعد الرسالة الخطية التي تلقاها المجلس من وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي والتي تتعلق بالأوضاع الراهنة هناك.
إن أول ما يلفت نظر المراقب،هو ما لمجلس التعاون من سعة بال و عقل واقعي يتدثر ببرودة المنطق الذي لا مجال للعاطفة فيه،مما يوحي بعدة أمور أولها إن الأحداث الجارية في جيب جزيرة العرب الأسفل، تسير في صالح دول مجلس التعاون،أو أن دول المجلس تقف حائرة أمام نوع وحجم الموقف المطلوب . فقد انتظر مجلس التعاون حتى جاء وقت دورته العادية، بدل عقد دورة طارئة لأحداث اليمن - ولاشك إن ذلك مبرر بدعوى عدم التدخل في الشأن اليمني- لكن تدويل أزمة (صعدة) أصبح قاب قوسين أو أدني، والمؤشرات على ذلك كثيرة، منها الاتهامات الإيرانية اليمينية المتبادلة،و الأسلحة الإيرانية و انتقال بعض الحوثيين إلى إيران للتدريب أو التنسيق. وأيضا الاتهامات اليمنية السابقة بالتدخل الليبي،و بالتدخل العراقي حيث كشفت القياديةُ في الائتلاف العراقي الموحد جنان العبيدي عن وجودِ مكتبٍ للحوثيين في النجف،ينسق شؤونَهم في العراق، وقد برر العراقيون ذلك بأنه يمنح الحكومة العراقية فرصة للضغط على حكومة اليمن، لتسليم المطلوبين من قيادات البعث المتواجدة في صنعاء، ومن جهة أخرى يتهم الحوثيون صنعاء بتلقى المساعدة السعودية والأميركية .
أن استقرار اليمن وتنميته هي أحد الأهداف الإستراتيجية لمجلس التعاون، كما قال الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبد الله، لكن عدم طرح قضية أحداث (صعدة) في أجندة الاجتماع جاء ليعطي تأويلات عدة فهل كان ذلك لصالح الحكومة اليمنية؟ أم لصالح المتمردين الحوثيين؟ أم لصالح دول مجلس التعاون؟ وإلى أي درجةتباينت المواقف الخليجية إزاء قضية أحداث (صعدة)؟
لا شك إن الحكومة اليمينة لم تكن تتوقع إلا الموقف الداعم لها بصراحة ،وما الدعوة (لتعزيز الجهود من اجل الحوار الوطني وتغليب المصلحة الشاملة ضمانا لوحدة واستقرار اليمن) إلا موقف سياسي خليجي بالدرجة الأولى وعلى صنعاء أن تحلله جيدا . فهل قامت دول الخليج بتبني هذا الموقف كرسالة لطهران وبغداد، بوجوب اخذ موقف الحياد مما يجري، حتى لايتحول جيب الجزيرة العربية السفلي إلى ساحة مشتعلة لحرب طائفية كالتي تجري في العراق ،أم أنها رسالة إلى صنعاء المعزولة عن بقية اليمن الذي صار ملاذا للكثير من الجماعات الإرهابية، وضرورة الكف عن ابتزاز الجيران؟
بين الحياد وتجنب الابتزاز يرصف الخليج موقفه، ولسان حاله يردد: 'لا بد من صعدة وإن طال السفر'.
تعليقات