الراحل الكبير مرشد البذال .. صوّر بقصائده حياة الكويت القديمة والحديثة

الأدب الشعبي

رجا القحطاني 1173 مشاهدات 0


كتب رجا القحطاني

هو شاعر الكويت الكبير الراحل مرشد سعد البذال ، ليس ثمة شاعر عامي كويتي وخاصة في فترة السبعينات والثمانينات وبعد ذلك من القرن الفائت إلا ويتلألأ اسم هذا الشاعر في ذاكرته، نجد في قصائده الكثير ملامح من تاريخ الكويت قبل مرحلة النهضة وبعدها ، فالشاعر مرآة عاكسة لبيئته الاجتماعية والسياسية والنهضوية ، وقد كان البذال في طليعة الشعراء الذين أدانوا تهديدات الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم حين هدد بضم الكويت عام 1961م. وله قصيدة ترددت أصداؤها في ذلك الموقف ورددها الكويتيون  بروح الحماس والإباء ومنها هذا البيت الذي أورده الكاتب حمد الحمد في موسوعته التراثية:
الله يعمّر دارنا بخْيارنا
وان الرجا بالله ماهو بعيد

وفي الجانب  الاجتماعي يتحدث عن صفات الرجال مستنكرا السلوكيات الخاطئة لبعض الشباب إذ يقول البذال:
ان كان ماتدري ترى الناس دارين
الرجل مدحه بالمجالس طراته
ورجل تعلّق به رجالٍ مسمّين
عز الرفيق  ولابته  ولْحماته
ورجل تشوف جسم وعيون ويْدين
لولا الشعَر ماتفرقه عن خواته!

ويستذكر الشاعر ماضي الكويت حين كان الغوص والمكوث في البحر  وسيلتهم الأساسية في طلب الرزق رغم مافي الغوص من مشاقٍ وابتعادٍ طويل عن الأهل:
تسعة  شهور بين  لوح وغبه
تقول النسا يا الله عليك العقايل
بعضنا يدور الحول ما شاهد الوطن
ولايرجع الا كان اله طفل حايل
والبادية كلٍّ على فن والده
بين الرعايا والقنا والسلايل

والبذال معروف لدى محبي الشعر الشعبي على الصعيد الخليجي، له الكثير من العطاءات الشعرية المتسمة بالجزالة والانسيابية بعيداً عن أسلوب الغموص والرمزية المفرطه ، تطاوعه المعاني فيما يريد التعبير عنه،  وتنساق له القوافي بما يناسب المعنى ، وكأنك لاتشعر بوجود القافية أو أنها قافية مقحمة ، هو خير من يوظف الأسلوب السهل الممتنع في كتابة الشعر ، ويستخدم معجمه اللهجوي المنبثق من   طبيعة بيئته في رسم الصورة الشعرية ،

وكانت بين مرشد البذال و الشاعر السعودي الكبير الراحل محمد الأحمد السديري مساجلات شعرية متبادلة مشهورة  في حينها ، وتُعدُّ من أفضل المساجلات "الرديات" في الشعر العامي الخليجي الكلاسيكي بما تتضمنه من استنباط للحِكَم واستخلاص لتجربة الحياة  والحث على التمسك بالقيم ،
إذ يقول السديري:
الذل يوذي لابسات المقانع
وشلون يرضونه رجال لهم ساس
يبو عبيد الوقت ماهو مسانع
وعيني يذاودها عن النوم حراس

فيرد عليه البذال بذات البحر الشعري والقافية:
الوقت منظر ذيب والأمر فانع
أمر فنيعٍ بين مختلْف الاجناس
كفاك ربك لوم شامت وشانع
ناسٍ شرفها حدر الاقدام ينداس

وكان حب الشعر وإدراك كل منها لإبداعية الآخر سبباً لنشوء صداقة بدت وطيدة بينهما على الرغم من أنهما لم تجمعهما سوى لقاءات قليلة.
كثيرٌ من قصائد مرشد البذال جاءت انعكاساً لتجارب حياتية حقيقية ، وليست تقمصاً مفتعلاً أو تصوراً عاماً ، وكان رحمه الله محبوباً ومقدّرا لدى حكام الكويت ومواطنيها ، وقد كرمته الدولة باطلاق اسمه على إحدي المدارس الثانوية ، وكان عام 1990 العام الأخير في حياة الشاعر الكبير مرشد البذال، وقد رثاه شعراء كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور ومن قوله:
الموت عملاق انتزع روح عملاق
كيف التراب انهال فوق الأهلّه

ننشر للراحل الكبير  هذه القصيدة الرائعة المليئة بالصدق والتي لم تُعجز قوافيها الصعبة قدرته الشعرية  وذاكرته الثرية،
قصيدة نظمها في أواخر حياته ، يستشعر بها قرب رحيله عن الدنيا ويشكو فيها أعباء الشيخوخة واستفحال المرض ،ويسترجع من خلالها ذكريات الشباب وأيامه الجميلة ،

لاحول اشوف الحق جتني طروشه
جتني مطالببه وانا عنْه  منحاش
اليوم  كن بْداخل القلب  هوشه
مثل اختراش الريم في داخل الجاش
ياالله عسى عطفك ولطفك نحوشه
ياالله بحسن الخاتمة قبل الاقراش
دنياك لو تعطيك زين المعوشه
تالي سوالفها تعوّد على  ماش
ياما خذينا  بأول العمر  شوشه
وياما مشينا في مظاهير وادباش
في  خايعٍ  وبل  الثريا رشوشه
نجني الزبيدي في صحاحيح وادْشاش
وياما جلسنا مع مرودع نقوشه
في  سهلةٍ  ماحدْرنا  زل  وفْراش
نبنوب لاخبله ولاهي مْخروشه
عنق الفريد ان ذيّره صوت حشاش
قامت تخاطبني  بنفسٍ  هشوشه
بس الكلام وعرضه ابيض من الشاش
باسرار في وسط القلوب مْخشوشه
بين الثنين ولادرىَ عنهن  الواش
ربعة  وفا  ولّا السلَب   ماننوشه
ماني لوجه مْعذب الحب خمّاش
واليوم مالي مع هل الصيد نوشه
عطيتها غيري  بلا سوم  ببْلاش
عند الطبيب وصار عندي وحوشه
ومن الاقامه صابني خوف وخْراش
والحين شفني جالسٍ عقب دوشه
اصلب اعضاي وكنّ بالجسم هشهاش
خليت  ديواني  ومجلاس  حوشه
عقب المعزه  ساكنٍ دار  الانعاش
والنفس ضاقت عقب ماهي بشوشه
مثل المقيم اللي على نوّ مطراش

تعليقات

اكتب تعليقك