أحمد بخيت: إرادة الفقراء

فن وثقافة

الآن 924 مشاهدات 0


"رأيتُ إرادةَ الفقراءِ
وَهْيَ تخوضُ حربَ الخبْزْ
وتنزِفُ
دونَ فلسفةٍ
ودونَ بلاغةٍ
أو عجْزْ
رأيتُ صلاةَ دمعتِهِمْ
فكيفَ أرى
ولاَ أهتزّْ!!"
للفقراء غفلة  الواقع الجائر ،حيث تتركهم لامبالاة المجتمع نهباً لقساوة الحياة  ولهاث الأيام .فيكون الخبز حلمهم المتواري في غيابة المجهول ،وتكون الدمعة الصادقة دليلا على انتفاء العدالة:

الشاعر المصري القدير أحمد بخيت، أحد أهم الأسماء الشعرية في هذه المرحلة ، والأكثر تألقا بين الفائزين في البرنامج الشهير "أمير الشعراء"  الموسم الثاني، وأحد الفائزين بجائزة كتارا لشاعر الرسول. وجوائز أخرى عديدة.

يتألق بهذه القصيدة المتوهجة بأقمار الإبداع  و المحتشدة بالعمق الإنساني، من خلال مقاطع شعرية تتغير قوافيها ، وتزدحم بالجمال معانيها ، والقصيدة من ديوانه "شهد العزلة" :


أنا ضيفٌ
على الدنيا
وأوشكُ أن أودّعَها
وُلدتُ
بحِضْنِ قافيةٍ
وأختمُ رحلتي معَهَا
وغايةُ شهوةِ الكلماتِ
أن تغتالَ مبدعَهَا!!

أنا
من هؤلاء الناسِ
أبناءِ الترابِ الحيّْ
وأبناءِ العذابِ الفرضِ
أبناءِ الأسى الجبريّْ
يَمُرُّ السهمُ
في دَمِهِمْ
فيرتدُّ النزيفُ إليّْ!!

رأيتُ إرادةَ الفقراءِ
وَهْيَ تخوضُ حربَ الخبْزْ
وتنزِفُ
دونَ فلسفةٍ
ودونَ بلاغةٍ
أو عجْزْ
رأيتُ صلاةَ دمعتِهِمْ
فكيفَ أرى
ولاَ أهتزّْ!!

صداقتُنا معَ الدنيا
صداقةُ شمعةٍ
للرِّيحْ
ورحلتُنا مع الأيامِ
رحلةُ شاهدٍ
لضريحْ
وجُلْجُلَتِي على كَتِفي
كلانا ذابحٌ
وذبيحْ

أنا
هو ذلك الولدُ
المصابُ بكبرياء الرُّوحْ
كثيراً ما يُرى خَشِناً
وممتلئاً أسىً
وجموحْ
فإنْ أبحرتِ داخلَهُ
تَكَشَّفَ عن حنانِ
مَسيحْ!!

صباحي
مُتخَمٌ بالتبغِ
والكلماتِ
والقهوةْ
بصوتِ المرأةِ
المعجونِ بالأحزانِ
والشهوةْ
فهلْ تتكرّرُ الدنيا
كما تتكرَّرُ الهفوةْ؟!

قرأتُ
فضاءَ أيامي
كما قرأ السما
عصفورْ
كلانا يجتلي قمرَ الحقيقةِ
من وراءِ السورْ
نخافُ الليلَ أحياناً
وأحياناً
نخافُ النُّورْ!!

أنا اللصُّ
الذي يستلُّ من أيامِهِ
العمرا
يغربلُهُ
ويخبزُهُ
ويصنَعُ كعكةَ الذكرى
ومن رَحِمِ الأغاني البِكْرِ
يُولَدُ مرّةً أخرى

سنمشِي
ما يزالُ القلبُ
يعشَقُ مَجْدَهُ
وأساهْ
وما زِلْنا نُريدُ الحُبَّ حُبّاً
والحياةَ.... حياةْ
سيصعَدُ صوتُنا للهِ
إنْ كانَ النشيدُ
صلاةْ!!

سنمشِي
تعرِفُ الخُطُوَاتُ
كيفَ تخطُّ سيرَتَها
وتعرِفُ
لذّةَ الفشلِ النبيلِ
أمامَ كبوتها
وتعرِفُ أنها
في الضَّعْفِ
تبلُغُ أَوْجَ قُوّتِها!!

سنمشِي..
رُبّما وَصَلَ الكلامُ
لشاطئِ المعنى
سنلعَبُ
لُعبَةَ الدّنيا
إلى أنْ تنتهي
منّا
سنمشِي..
سِرْ معي في الدَّربِ
حَسْبُكَ أنّنا
سِرْنا

تعليقات

اكتب تعليقك