د.موضي عبدالعزيز الحمود: كشف حساب
زاوية الكتابكتب د. موضي الحمود ديسمبر 28, 2022, 10 م 912 مشاهدات 0
شاء العلي القدير أن نودّع عام 2022 بأمطار غزيرة، أمطار رحمة هطلت لتغسل الأرض وتسقي الزرع وتنعش الجفاف، ولعلها تغسل معها القلوب وتطهر النفوس من أدران عام كامل مضى بأفراحه وأتراحه.. بإنجازاته وما أقلها، وبمشاكله ومطباته وما أكثرها! ولكن الله غالب على أمره، والأمل هو واحة النفوس والتفاؤل هو زادها.. لذلك يحدونا الأمل بعام أفضل إن شاء الله، ولكن ذلك لا يعني أن نقلب صفحة الماضي من دون التبصّر بأحداثه.. علنا نتعلّم من دروسه ونستلهم منه عبراً لخطى العام المقبل.
في 2022 تفاءلنا بانتخابات مجلس الأمة التاسع عشر، وتوسمنا تعاون القافلة وانطلاقها لتصحيح أمور اعوّج سيرها.. ولحلحة قضايا طال انتظارها، وتسريع تنمية تأخر مسارها.
ولكن أصدقكم القول الكثير من هذا لم يتحقق، ومرت مع هذا العام شهور ثمينة من دون إنجاز واضح.. بل تسابق القوم في مجلسنا للإنفاق من «بيت المال».. نواب يتسابقون في «ماراثون» العطايا والزيادات من دون حساب للزمن ومستحقاته، ومن دون حساب لاستمرار الوطن ورفاهية أجياله.. نواب نعتناهم بالمصلحين أسكتتهم الشعبوية كما أسكت الفجر «شهرزاد» عن الكلام المباح… آخرون شحذوا أدواتهم النيابية ضد كل قيم المدنية، حتى طالت مطالبهم تعديل دستور الدولة بما يحقق لهم غربلة القوانين من خلال سلطتهم الأصولية المستجدة والمتشددة.
أما السلطة التنفيذية، فقد تسلحت بالمهادنة مع المجلس، وهي تعلم أنها حتى بمهادنتها لن تسلم من جنوح الاستجواب.. وابتزاز المصالح الذي اعتاده البعض.. وهي تغافلت عن أحداث التوازن المنشود في تأمين احتياجات فئات معتدلة من المجتمع تنشد وطناً متسامحاً ينعم بالفرح والنشاط المدني البريء من دون تهديد من نائب أو مصادرة من سلطة.
هللنا لإجراء الحكومة تغيير المراكز وتجديد الدماء في أجهزة الدولة، ولكن التنفيذ أتى بصورة كاسحة أزاحت حتى من يجب أن يُحاسب لا أن يُكّرم بقبول استقالته.. شددنا على يد وزرائنا علهم يتصدرون لمشاريع إصلاحية، لكنهم سابقوا المجلس في الموافقة على مشاريعه الإسرافية، التي تتمثل ببدلات ومكافآت نقدية لا تشجّع إلا على الاستهلاك الآني وليس لها مردود تنموي.. كشراء الإجازات، وطلب إسقاط القروض، وهو الملف الذي طلبت الحكومة تأجيله، مع يقينها بأنه أمر لا يقره قانون العدالة ولا يستقيم معه أي منطق اقتصادي.. ولا حاجة للتذكير بأن الدولة لم تقصّر «في إعانة المتعثرين والمعسرين وما زالت تفعل».
قائمة كشف الحساب السياسي والاقتصادي طويلة، بعضها مشجع وأغلبها محبط.. ولكننا ما زلنا نأمل أن ترى السلطتان بعضاً من نور مشعل الإصلاح الذي نادت به القيادة للاهتداء به، والعمل على تحقيقه وفق آليات عملت بها الدول الأخرى، واستطاعت أن تخرج من نفق التأخر إلى سعة التنمية والازدهار.
وكل عام والكويت وشعبها وقيادتها وكل من على أرضها والعالم أجمع بخير وسلام.
تعليقات