د.موضي الحمود: بين الذهنية المستقبلية وبين «الله لا يغيّر علينا»

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 869 مشاهدات 0


لم يعد الحديث عن البعد المستقبلي، كما وصفه الكاتب والباحث السوري نبيل علي صالح في دراسته المتميزة «المستقبلية العربية بين الواقع والطموح»، لوناً من ألوان الترف الثقافي أو الاجتماعي أو حتى العلمي، كما لم يكن نوعاً من أنواع التخيل والتنجيم، بل أصبح علماً قائماً بذاته، ومنهجاً سارت عليه الأمم، فاستفاقت من غفوتها وتسارعت في نهضتها في مجال العلم وعالم الرقمنة والتقدم.. إلا أممنا العربية التي اختلط حاضرها بماضيها، فباتت تستعيد ما طواه الزمن من قيم ومآثر لتفرضها جبراً على أجيال اليوم، وتخوفهم أو تمنعهم من التحرر من أغلال الماضي، ساعدها نقص الوعي وتخلف التعليم، وزاد في ذلك نفوذ جماعات تعاظمت شهوتها في التسلط، ورأت أنها الأجدر بقيادة الشعوب. 

ولتقريب الصورة أكثر نجد هذا ماثلاً في وطننا العزيز، الذي تمددت فيه سطوة الجماعات الأصولية، حتى خلقت في نفوس فئات المجتمع عقدة الذنب من التحرر والخوف من التواصل الحضاري مع العالم، وضيّقت في وعيهم الجمعي القيم الثقافية الجميلة التي كنا ننعم بها.. فلا احتفال بمناسبات اجتماعية إلا بمباركتهم.. ولا تهنئة لأصدقاء يختلفون عنا في ديانتهم بأعيادهم، ولا اجتماع لطالبات وطلاب في قاعات الدرس.. إلا ما تسمح به اجتماعاتهم بلجانهم النسائية ومناسباتهم الممتدة.

هم يخوفون النشء من الانفتاح على العالم والاندماج في حركته الحضارية، ويبالغون في تضييق كل متسع اجتماعي وثقافي، حتى الرياضة لم تسلم من سطوتهم.. أما التفكير العلمي المنفتح، فهو موسوم بأنه أداة من أدوات التغريب.. لذلك كله سبقنا العالم وسبقتنا الأمم، بل تسابق جيراننا مع أشقائنا في عالم الانفتاح والانعتاق من سطوة الأصولية.. بينما خارت أقدامنا نحن في بركة التخلف الراكدة.. فتراجعت مبادراتنا وخبت شعلة انفتاحنا. 

المؤلم أن أجددانا وآباءنا سلّموا لنا وطناً جميلاً بنوا أساسه وقت الشدة.. وزادوا في انفتاحه ونهضته وتألقه وقت الرخاء النفطي.. واليوم يدرك الجميع أننا بترددنا وحيرتنا وإسرافنا واستهلاكنا لمواردنا سنخلف لأجيالنا القادمة وطناً متآكلاً في البنية، عاجزاً في الاقتصاد، ومتراجعاً في الثقافة والعلم، يفصله عن الحضارة بون شاسع، غذاه جمود الفكر، وتخلف الوسائل، وضعف القرار الحكومي. 

الزمن يجري يا سادة بسرعة الضوء، ونحن أولى بأن نتدارك مستحقات المستقبل ونعي متطلبات الاستعداد له من دون أي حساسيات آنية وضيقة، وعلى رأسها ضرورة مواجهة العصر القادم، والتسلح بآلياته والدفع بالعلم والثقافة والانفتاح على العالم التكنولوجي المتطور بوسائله واستحقاقاته، علنا ننجح في ردم هوة الانفصال عن عالم اليوم، ونقرب من مضمار تقدم الأمم.. والله الموفق. 

شكراً قطر

سنكررها ونعيد تكرارها لما زرعتِه في نفوس الجميع من بهجة وثقة بأن كل شيء ممكن إذا اجتمعت الأصالة والتقدم، واقترنت الإرادة بالإدارة، وتسلح العمل بالقرار الحاسم.. وسُخرت كل الإمكانات لبناء سمعة الوطن وليس لكسب الولاءات الشعبية.. برافو.. والفال لنا.

عزاء للأهل الأعزاء 

عظم الله أجركم آل المطيري وآل النصف الكرام بوفاة فقيدكم ابن الوطن البار هلال مشاري المطيري، لك الرحمة والجنة يا أبا خالد، ولأهلك وصحبك ومحبيك الصبر والسلون. «إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».

تعليقات

اكتب تعليقك