د.موضي الحمود: حتى لا يخبو بريق الكويت ولا يجف مرزام* خيرها

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 1192 مشاهدات 0


للكويت سجل حافل في إنجاز الكفاءات البشرية من أبناء الكويت وإبداعاتهم، موغل في التاريخ وممتد إلى وقتنا الحالي.. ازدهر واشتهر من الستينيات وبعدها، حين كان لأبناء الكويت حضور لافت وإبداعات مشهودة في مجال الثقافة والمسرح وحتى السينما والفن بأنواعه، ولهم شأن عالٍ كذلك في مجال المال والأعمال والاقتصاد والرياضة، يحتضنه نظام سياسي ديموقراطي متقدم.. فارتفع اسم الكويت في المحافل العربية، وعلا صيت إبداعات أبنائها.

هذا البريق أصابه الشحوب مع تنامي تأثير تيارات الصحوة من الطائفتين، حين ضيّق اتباعهما آفاق الإبداع وثار النزاع والتحدي الحضاري بين هذه التيارات وبينها وبين المجتمع المدني على اختلاف أطيافه وتعددها.. تزامن ذلك مع شد وجذب سياسي انتهزه المتربصون، الذين غزوا الوطن المسالم، وحاولوا مسح هويته.. ولله الحمد خابت مساعيهم وتحررت الكويت من الغزاة، ولكن تغيرت النفوس وتنامت شهوة الاستئثار والاستحواذ على المصالح الذاتية.. وزادت حدة الانتماء الطائفي والقبلي والحزبي المتشدد.. وانزوت مساحة الانفتاح والمدنية، رافقت كل ذلك، مع شديد الأسف، زيادة تجذر الفساد في كثير من مؤسسات الدولة وأجهزتها الحكومية بمستوياتها المختلفة.. وقل الحماس والإنتاجية بين جيوش الموظفين، مع تزايد السؤال عن المزايا المادية وفق ثقافة «هل من مزيد؟!».

مع كل هذا الإحباط الذي يشعر به الكثيرون لم تخبُ جذوة الإبداع والإنجاز في نفوس العديد من الشباب، فمازال شباب الكويت يتفوقون في مجال التجارة والمشاريع الصغيرة المبدعة، وفي مجال التطبيقات التكنولوجية المتقدمة، ومجال الفن بأساليبه التقليدية أو أوعيته التكنولوجية الجديدة، والتميز في قطاع الخدمات، خاصةً قطاع المطاعم والصناعات الغذائية، وقطاع الأزياء وغيرها.. وهي مشاريع تشكّل عصب الاقتصاد الحديث، أوجدها شباب يتدفق حماساً وحيويةً.. ولكن هذا الإبداع، مع الأسف، ما زال يعاني انعدام التشجيع والرعاية المطلوبين!! حتى تخلى العديد منهم عن مشاريعهم لما واجهوه من تعقيد وتعطيل، وربما إجهاض لأفكارهم، ولم تكن حادثة «معرض (مرزام) وتعطيل أعماله قبل افتتاحه» هي الأولى، ويقيني أنها لن تكون الأخيرة! لذلك اتجه كثير من شبابنا إلى دول الجوار التي فتحت لهم آفاق العمل بسهولة ويسر ورحبت بأفكارهم وإبداعاتهم.

ملاحظة مستحقة للأجهزة المعنية، وخاصة في وزارات الداخلية والشؤون والتجارة والصناعة والمالية، صحوتكم لتطبيق القانون مقدرة وإن كانت متأخرة، وهو أمر يرحب به الجميع، ولكن ليكن ذلك بوسائل وأساليب تبني ولا تهدم، وتشد العزائم لا تهزم النفوس، فالإجراءات العقيمة تحتاج إلى مراجعة جادة ليكون القانون هو الدافع والمشجع، وليس هو القاصم لظهر المبدعين والمانع لإبداعاتهم.

فأنتم تدركون قبل غيركم أن هذا لا يناسب العصر ولا يتماشى مع متطلبات أبنائه، ممن أتاح لهم الانفتاح العالمي حرية التنقل في رحاب الأرض وإقامة أفكارهم ومشاريعهم حيث يجدون التسهيل واليسر والتشجيع. وأخيراً رجاءً حاراً للوزراء المختصين.. راجعوا أجهزتكم واحرصوا على الدفع بتشجيع الشباب وتذليل ما يعترضهم من معوقات ليستمر مرزام الخير يتدفق بكفاءات أبنائنا، فلا تحرموهم من الإبداع، ولا تحرموا الكويت من فرص نمائها.. والله الموفق.

*مرزام: قناة لتصريف الماء (مزراب).

تعليقات

اكتب تعليقك