مبارك الدويلة: تغييرات القياديين.. والخروج من الصندوق!
زاوية الكتابكتب مبارك فهد الدويلة نوفمبر 29, 2022, 10:11 م 634 مشاهدات 0
تمر البلاد بأكبر عملية تغيير في القياديين منذ التأسيس، فقد صدرت أوامر شفهية صارمة بضرورة ضخ دماء جديدة في جميع مؤسسات الدولة، وعدم التجديد لكل من تنتهي مدة مرسومه، مما استدعى تقديم أعداد كبيرة من القياديين في الدولة لاستقالاتهم من مناصبهم، واحالة اخرين الى التقاعد، وتعيين بدلاً منهم من القيادات الوسطى ليحلوا محلهم، وهذا بلا شك مؤشر ايجابي في جدية الحكومة للاصلاح، وفي هذا المقام لابد من التنبيه الى ضرورة حسن الاختيار، فلا يكفي أن نسد الشواغر بمن حضر، بل لابد من حسن الاختيار حتى يكون للتغيير معنى وقيمة. وحتى نتخلص من سمة تميزت بالمحسوبية والانتقائية وفق معايير شخصية لا تمت للكفاءة والاصلاح بأي صلة، الا انه لوحظ في التعيينات الأخيرة استبعاد كثير من الاسلاميين من مناصب ومراكز هم أولى بها من غيرهم، وتردد أن السبب هو أن هؤلاء ينتمون الى مدرسة فكرية وتيار سياسي محدد! وأتمنى ألا يكون ذلك صحيحا، فلا يجوز استبعاد أي مواطن من منصب يستحقه بسبب فكره أو توجهه! وأبناء الحركة الاسلامية جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، ولا يقلون عنهم حباً واخلاصاً لوطنهم، وهذا التوجه ينسجم مع توجهات معظم فئات الشعب بدليل الصبغة الاسلامية لكثير من مخرجات الانتخابات البرلمانية، ولعل نظرة سريعة الى نتائج انتخابات بعض القطاعات العريضة كالمعلمين واتحاد الطلبة وبعض النقابات تؤكد ما ذكرنا، لذلك نستغرب من الاعتراض على بعض الترشيحات لبعض المناصب لمجرد أن صاحبها محسوب على تيار معين أو توجه محدد، فالقاعدة الشرعية والتي تصلح لكل زمان ومكان في مثل هذه الامور هي قوله تعالى (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وقوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)، فالكفاءة والأمانة مقياس الاختيار السليم، قال عمر رضي الله عنه: «آه من ضعف التقي وقوة الفاجر».. فلا يكفي أن يكون القيادي والمسؤول أميناً متديناً ما لم يكن حازماً وذا خبرة كافية، كما لا يجوز تكليف أصحاب الخبرة والحزم مالم يكونوا أتقياء أنقياء.
بدأت بعض مواقع التواصل الاجتماعي تبث مقابلات مع رموز سياسية كانوا في يوم من الايام من كوادر الحركة الدستورية الاسلامية ثم خرجوا منها لاعتبارات كثيرة. والملاحظ ان هذه الرموز التزمت الصمت لسنوات طويلة واليوم بدأت بانتقاد التيار وتبرير خروجها قبل سنوات ليست بالقليلة. ومع عدم استيعابي لسبب توقيت البث هذه الايام، الا انني لم أنزعج مما تم الحديث عنه لسبب بسيط وهو أن التيار غير محصن من المثالب ومسيرته لا تخلو من العثرات بين الوقت والاخر، فالذي يعمل لابد من أن يخطئ والذي يواجه الباطل لابد أن يتضرر، وتيار بحجم الحركة الدستورية لا يمكن أن يكون بمنأى من الانتقاد.
لكن ما شدني هو ما ذكره أحد هؤلاء الأحباب من أن الخروج من صندوق التيار يؤدي بك الى عالم أوسع وأرحب.. وهذا كلام صحيح، فالتيار له مبادئه وقواعده، وعالمه محصور بهذه المبادئ ومرتبط بهذه القواعد، لذلك الخروج الى عالم المجتمع الحر والكبير لاشك انه أرحب، ومن يعش فيه لا تحكمه هذه القواعد الشرعية ولا المبادئ الاسلامية. لكن السؤال لهؤلاء الأعزاء، كم كان تأثيركم بالمجتمع الواسع عندما كنتم تعملون من داخل الصندوق، وماهو تأثيركم اليوم وأنتم خارجه؟ سؤال يختصر فهمنا لحقيقة الخروج من الصندوق والتي ليست بالضرورة تكون ايجابية.
تعليقات