أ.د سهام الفريح: يوم الطفل العالمي.. حالات صارخة من القهر والانتهاك

محليات وبرلمان

168 مشاهدات 0


يحتفل العالم بأسره بيوم الطفل، وهو احتفال تسعى فيه الدول والهيئات ذات العلاقة إلى بذل الجهود الرامية إلى رعاية الطفل والعناية به من خلال منحه الحقوق الواجبة التي تجعله يحيى حياة كريمة في بيئة آمنة مستقرة؛ بين أهل وتضمه أسرة توفر له الرعاية بكل معانيها؛ الصحية والاجتماعية والتعليمية والترفيه.
هذا ما أقرته الأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989 في (الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل)، وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 2 ديسمبر 1990.
وانطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الطفل، رسمنا لأنفسنا دوراً للعمل على حماية الطفل من الانتهاكات ومن ما يتعرض له من آذى، فأنشئنا (الجمعية الوطنية لحماية الطفل) عام 2006.
وقبل أن يردنا السؤال من الآخر؛ نوجه السؤال لذواتنا في هذه الجمعية؛ ماذا قدمنا للطفل منذ البدء عام 2006 حتى اليوم؟ وهل حققنا الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي للجمعية؟؟ وهل ما قدمناه من أنشطة متنوعة من دورات وورش تدريبية للمتصلين بالطفل من الوالدين وباقي أفراد الأسرة، والكوادر التربوية والتعليمة كافية بمد هؤلاء بالقدرات والخبرات التي تؤهلهم لحسن التعامل مع الطفل ورعايته، وحمايته من جميع الوان الأذى؟؟
نحن نجيب بأنها ليست كافية، ولا تحقق جميع الأهداف المرجوة!!! لذا اتجهت وزملائي إلى ما هو أجدى من ذلك، وهو إعداد مشروع قانون متكامل يضمن الحقوق الواجبة للطفل فكان العمل في هذا المشروع حثيثاً وممتداً لكي يقر ويقبل ولم يوقفنا الصد الذي واجهنا  طوال عملنا في هذا المشروع ، حتى إستجاب البرلمان إلى مناقشة جميع بنود مشروع القانون التي تصل إلى "170 مادة"، ولم يكن إقراره هو نهاية المطاف، إنما منذ العمل وحتى اليوم نسعى جاهدين لتنفيذ جميع بنوده من المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية. وخلال هذه المراجعات جعلنا نقف أمام بعض المعوقات في تحقيق الحماية الكاملة بحاجة ماسة إلى وضع تشريعات، أو إضافة تشريعات مستحدثة، والتي منها على سبيل المثال : منح الأم حق الموافقة على معالجة أبنائها في حالة غياب الأب لأي سبب من الأسباب، وقد تمت الموافقة على المقترح عام 2019.
ونود الإشارة إلى أننا قد نسلط الضوء على الجوانب السلبية في القضايا التي تُعنى بالطفل، فهو يصدر عنا من باب النقد الذاتي، لكن في الوقت ذاته علينا أن نسلط الضوء على الجوانب الايجابية؛ التي منها أن مشروع قانون الطفل قُدم أولاً من جمعية نفع عام (الجمعية الوطنية ...) أي (منظمة مدنية) فتبناه البرلمان ومن ثم قبلت به الحكومة، وصدر مرسومها بإقراره، فإن دَلَ هذا الأمر على شيء؛ فهو يدل على وعي حضاري، وهو أن للمؤسسة المدنية دورها في المجتمع وفي اقتراح بعض التشريعات، وأنها تردف المؤسسة الحكومية، ولا تتعارض معها أبداً في أمور تخدم المجتمع، وذلك بما لديها من خبرات وطاقات.
ونود الإشارة أيضا إلى أننا في الجمعية وفي جميع أدبياتنا ومنها قانون الطفل لم ترد كلمة الطفل الكويتي إنما ذكرنا الطفل دون تميز لجنسه أو أصله أو عقيدته أو لونه، وكذلك المؤسسة الحكومية أخذت بهذا الأمر إلا فيما يتعارض مع بعض مواد قانون الأحوال الشخصية.
والآن وبعد، مضي ما يزيد عن الثلاثة عقود من اعتماد هذه الاتفاقية (الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل) ولا يزال هذه العنصر الضعيف (الطفل) في أنحاء متفرقة من العالم تنتهك حقوقه بأبشع صورها، ولعل أبشع ما في هذه البشاعة هو الذي يقع على الطفل العربي في أقطار عديدة من وطننا العربي، وذلك كالذي يحدث في سوريا والعراق ، واليمن ، وليبيا ويتقدمهم جميعا ما يعانيه الطفل العربي في فلسطين، وهى حالات صارخة من القهر والانتهاك بحق الطفولة العربية البريئة يكون فيها الطفل مشرداً في العراء لا أرض تحويه ولا سقف يحميه، وفي معظم الحالات لا أسرة آمنة تحتضنه وينتسب إليها.
وتمر بنا وبالطفل العربي السنون يفتقد فيها جميع حقوقه على مرأى ومسمع العالم بأجمعه، والعالم المتحضر تحديداً لا يحرك ساكناً.
واليوم نلتقي لنحتف بالطفل وبيومه العالمي؛ فأي جديد جًدَّ وأي موقف أُتخذ من هذه المجتمعات التي ساهمت مساهمة فاعلة في وضع هذه الإتفاقية، وطالبتنا بالموافقة عليها وإعتمادها. وإنْ تقاعسنا عن ذلك نُتهم بالتخلف، وبأننا نفتقد الحس الإنساني والحضاري.

تعليقات

اكتب تعليقك