الرقابة المسبقة في بلد 'الحريات'
محليات وبرلمانمشكلة قانون المرئي والمسموع في لائحته التنظيمية
أغسطس 28, 2009, منتصف الليل 1632 مشاهدات 0
في وقت تسجل فيه الكويت موقعا متقدما في مجال الحريات، حيث حلت الأولى عربيا، تقوم وزارة الإعلام بوقف برامج على الفضائيات وتحويل قنوات فضائية أخرى للنيابة، بينما تتوقف قناة عن بث برنامج لها بعد إحالتها للنيابة، ويستمر الجدل.
مشكلة قانون 61 لسنة 2007 للممرئي والمسموع ليست في نصوصه، ولكنها تكمن في لائحته التنظيمية، وبالذات بفصله الثاني وتحديدا المواد 14-19 (أنظر المواد أدناه الملونة بالأحمر)، إذ أن هذه المواد من القرار الوزاري رقم 6 لسنة 2008 يفرض الرقابة المسبقة على النصوص المرئية قبل إجازتها.
الفصل الثاني: إجازة المصنفات المرئية والمسموعة
مادة 14: لا يجوز لمنشآت الانتاج الفني بغير اجازة مسبقة من الوزارة القيام بأي عمل من الأعمال الآتية والمتعلقة بالمصنفات المرئية والمسموعة:
أولا: تصويرها او تسجيلها او نسخها او تحويلها بقصد الاستغلال.
ثانيا: عرضها او بثها او اذاعتها في مكان عام.
ثالثا: توزيعها أو تأجيرها أو تداولها أو بيعها أو عرضها للبيع.
مادة 15: يقدم طلب اجازة المصنف لكل من الانتاج او العرض على نموذج معد لذلك الى الجهة المختصة بالوزارة، محددا فيه على الاخص اسم منشأة الانتاج الفني ونوع المصنف المطلوب اجازته، مع تقديم خمس نسخ مطبوعة من السيناريو للمصنف.
مادة 16: تصدر الجهة المختصة بالوزارة قراراً بالاجازة بعد التثبت من عدم مخالفة المصنف لاحكام القانون وعدم مخالفته للنظام العام والآداب.
وللجهة المختصة بالوزارة عرض المصنف على لجنة فنية او اكثر تشكل من موظفي الوزارة المختصين ومن ذوي الخبرة والتخصص في المجال، لتتولى دراسة المصنف وتقديم توصية بشأن إجازته للانتاج او للعرض او لغير ذلك من الاعمال المتعلقة به كتحديد اماكن ومواقع التصوير وغيرها.
مادة 17:يصدر القرار في طلب الاجازة بالموافقة او الرفض خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب مستوفيا جميع مستنداته ويبلغ لذوي الشأن بموجب كتاب موصى عليه بعلم الوصول، ويعتبر فوات المدة المذكورة من دون صدور قرار بمثابة رفض.
مادة 18: مدة الاجازة سنة تبدأ من تاريخ صدور القرار بالنسبة للانتاج (التصوير والتسجيل). ومدة الاجازة هي عشر سنوات بالنسبة للعرض او الاذاعة.
ويجوز التقدم بطلب تجديد الاجازة، ولمدة مماثلة، قبل انتهاء المدة المحددة بثلاثين يوما على الاقل.
مادة 19: يحظر اجراء اي تعديل او اضافة او حذف بالمصنف المجاز للانتاج او للعرض، كما يحظر استخدام ما تم استبعاده من المصنف في الدعاية له.
فماذا كانت النتيجة بعدما طلبت وزارة الإعلام من قناة سكوب أن توقف بث برنامج 'صوتك وصل'؟
قناة سكوب قامت بالالتفاف على القرار الوزاري بتغيير اسم البرنامج، فأصبح بدلا من 'صوتك وصل' اسمه 'عمك أصمخ'، ومن له حيلة فليحتال، ولو طلب منهم وقف برنامج 'عمك أصمخ' سيستمرون ببثه مع تغيير اسمه إلى (ربما) 'حاج عقاله'، وهكذا، كلما طلبت منهم الوزارة أو حتى حكم قضائي بوقف البرنامج، فإنهم سوف يقومون اسم البرنامج وليس نصوصه، ما لم تخضع نصوص البرامج مسبقا للرقابة طبقا للائحة المرئي والمسموع والتي تتناقض تناقضا تاما مع مبادئ الحرية والدستور، لأنها تفرض الرقابة المسبقة، وبالتالي فإن تطبيقها والقبول به، يعني عمليا أن يتم القبول -من حيث المبدأ- بالرقابة المسبقة على المرئي والمسموع والمطبوع وغيرها، ذلك أن القوانين لا تتجزأ وتطبيقها يجب أن يأخذ روح الدستور في الاعتبار بتطبيق كافة القوانين سواسية على الجميع.
إن تطبيق الرقابة المسبقة على كافة نصوص القنوات المرئية والمسموعة وخلال مدة قصيرة في عصر تكاثر الفضائيات والإذاعات وزمن السرعة والسباق الإعلامي، مسألة مستحيلة لأنها تتطلب جيشا عرمرميا من المراقبين وقراء النصوص الذين سيقومون بتحويل البلد إلى 'بلد رقابة'، وليس بلد حريات نصعليها الدستور.
لا مفر من تغيير القانون، ولا مناص من تثبيت مبادئ الحرية ولا بديل من تحمل الغث والسمين والمراهنة على قدرة الإنسان والمتابع والمشاهد على التمحيص والتمييز بين المفيد والضار.
تعليقات