أ. د عبداللطيف بن نخي: خلق فرص عمل... بين السعودية والكويت
زاوية الكتابكتب د. عبد اللطيف بن نخي نوفمبر 16, 2022, 11:17 م 738 مشاهدات 0
نُظّمت في الأسبوع الماضي وعلى مدى ثلاثة أيّام، النسخة الثانية من قمّة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومنتدى مبادرة السعوديّة الخضراء، على هامش النسخة 27 من مؤتمر تغيّر المناخ (COP27)، المستمر في الانعقاد في جمهورية مصر العربية حتى يوم غد الجمعة.
كلتا المبادرتين السعوديّتين غرضهما الأساس هو ترشيد جهود المملكة البيئية للتناغم مع وجهة جهود الاستدامة الدولية، من خلال التنسيق مع شركائها الإقليميين والدوليين لتسريع وتكثيف وتيرة نقل وتبادل المعارف والخبرات وبناء القدرات البشرية والمادية والمؤسسية السعودية. فالهدف الأول للمبادرة هو تقليل الانبعاثات الكربونيّة أكثر من 10 في المئة من المساهمات العالمية من خلال مشاريع عدة، من بينها تقليل الانبعاثات الكربونيّة الناجمة عن إنتاج النفط في المنطقة إلى أكثر من 60 في المئة. والهدف الثاني هو زراعة 50 مليار شجرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، منها 10 مليارات شجرة في المملكة، وهو ما يعادل 5 في المئة من مستهدف التشجير العالمي.
باختصار، السعودية بدأت خطواتها الأولى للتحوّل من الاقتصاد الخطّي للكربون إلى الاقتصاد الدائري للكربون (القائم على تدوير الكربون) بهدف الوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050.
هذا التحوّل البيئي الاستراتيجي في السعودية وفي عدد من الدول المماثلة المنتجة للنفط، له عدد من الغايات الحيوية، من بين أبرزها تعزيز ديبلوماسيتها ومرونتها التفاوضية في اجتماعات تغيّر المناخ، والاجتماعات الدولية الأخرى المرتبطة باستهلاك النفط، لمواجهة واحتواء مسودّات قرارات تضر اقتصاداتها.
فعلى سبيل المثال، يرى مراقبون أن تنظيم السعودية النسخة الأولى من مؤتمر مبادرة الشرق الأوسط الأخضر قبل انعقاد النسخة 26 من مؤتمر تغيّر المناخ (COP26)، سمح لها الاستثمار بالمبادرة – التي تتضمن تقليل الانبعاثات الكربونيّة الناجمة عن إنتاج النفط إلى أكثر من 60 في المئة – في تخفيف حدّة توصية أممية في شأن الإلغاء التدريجي لدعم الوقود الأحفوري التي صدرت عن مؤتمر (COP26).
وأيضا جاء في تقرير صدر بتاريخ 27 أكتوبر 2022 في مجلة الطبيعة (Nature) – المجلة العلمية المرموقة الواسعة الانتشار – أن السعودية وعدد من الدول المماثلة المنتجة للنفط كثّفت في العقد الأخير طموحاتها الخضراء، ومن بين شواهدها المبادرتين السعوديتين وتنظيم الإمارات العربية المتحدة النسخة المقبلة من مؤتمر تغيّر المناخ (COP28).
هذا التحوّل في الاستراتيجية البيئية السعودية، وما رافقه من مبادرات بيئية عملاقة، جلب للسعوديين العديد من الإيجابيّات التي شدّت انتباهي واستثارت مشاعري بالغبطة تجاه أشقائنا، من بينها خلق فرص عمل حقيقية تقليدية ومستحدثة لآلاف السعوديين على مدى العقود الثلاثة المقبلة. وهي موزّعة بين وظائف مطلوبة لتنفيذ المبادرات البيئية وبين وظائف معنيّة بقياس ورصد وتقييم الآثار والتبعات البيئية جرّاء تنفيذ تلك المبادرات، فضلاً عن الاحتياجات الوظيفية في المراكز البحثية والمؤسسات الأكاديمية ومعاهد التدريب المهنية، لتأهيل وتوجيه الكوادر الوطنية المطلوب منها تنفيذ المبادرات وتقييم نتائجها.
هذا التحوّل الاستراتيجي ذكّرني بتصريح الراحل الشيخ ناصر الصباح لوكالة «بلومبيرغ» الأميركية، الذي أعرب فيه عن إعجابه بما يقوم به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من إصلاحات، ثم استدرك الراحل بالقول إن «الوضع لدينا مختلف كلياً فالمهمة في المملكة أسهل، فلدينا يجب التعامل مع المؤسسات الدستورية والبرلمانية».
صدقت يا أباعبدالله، فمجلس الأمة لدينا أقرّ في بداية الشهر الجاري أكبر ميزانية في تاريخ الكويت، كان يرفضها بشدّة إلى ما قبل الجلسة، مكتفياً بمجموعة من التعهدات، كان من بينها تعهد وزير المالية بتنفيذ الحكومة للميزانية الخاصة بالتوظيف وصرف مكافآت الصفوف الأمامية، من دون خلق فرص عمل حقيقية إنتاجية. أي أن المجلسين توافقا على خلق المزيد من فرص البطالة المقنعة... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».
تعليقات