غنية سيليني: مالم تعدْ به العنقاء
فن وثقافةأكتوبر 6, 2022, 4:56 م 1145 مشاهدات 0
"أريدُ الطينَ نصفاً في شكوكي
ونصفاً في يقين الضّوء يكبرْ"
يرتبط الشك بالطين "الإنسان" كونه محجوباً عن الغيب ، بينما يرتبط اليقين بالضوء "الوضوح" وما بين الشك واليقين تتواصل رحلة العمر أملاً وألماً، وانتصاراً وانكساراً.
الشاعرة الجزائرية المتألقة غنية سيليني تعود من جديد لتصافح عشاق الشعر الفصيح بهذا النص المشرق بلوحاته الشعرية والمورق بدلالاته الرؤيوية:
أريدُ العمرَ نافذةً وسكّرْ
ولكن هل أطلُّ إذا تأخّرْ؟
أريدُ الملحَ مصلوبا بدمعي
لأسبق دمعتين وليس أبكرْ..
أريدُ اللّيلَ في الفنجانِ كيْما
أجالس نجمتين إذا تيسّرْ
أريدُ ملاءة الدرويش أو قلْ
عصا الحلّاج, أيهما ستصبرْ؟
أريدُ الشّيحَ يجمعُ ما تبقَّى
إليه لديّ ما يكفي وأكثرْ..
أريدُ الطينَ نصفا في شكوكي
ونصفا في يقين الضّوء يكبرْ
أريدُ الماءَ يضمرني جفونا
ببالِ يراعةٍ لحنٌ تذكرْ
أريدُ الصمتَ إرثَ اللّه لمّا
يجيء بمريمَ الأشياءُ تفطرْ
أريدُ الرُّوحَ مرآة وباباً
و طفلا يفتح المعنى فأنظرْ
أريدُ النّار تحذفني بخوراً
وضلعي شهوةُ الأنداء أخضرْ
هنا الجدرانُ تشبهها النوايا
وقوفاً يحرصُ الزمنَ المؤجّرْ
هنا و الدّرج فكرتنا تريثْ..
نخبئ ضحكتين بما توفّرْ..
هنا واحتجتُ أمسكها الثّواني
بزرّ طفولةٍ يشتاق مئزرْ
هنا خلفي اكتظاظ بل أمامي
وحولي العابرون ولست أعبرْ
هنا والصّبحُ جرحٌ كيف أني
أضمّد مقلتيه دما وأسْطرْ
هنا صفصافةٌ في الحيِّ, ريحٌ
تعدُّ الواقفينَ لمن تعثّرْ
هنا عود الثقاب غدا بتوقيت
من مرّوا شموعا لن يفكّرْ
هنا مذ شاء يخدشني سحاباً
أقلّم ساعتي ماءً و أُبْحِرْ
هنا يا أنتَ أجنحة انتظارٍ
يبيض الوقتُ سنبلةً و بيدرْ
هنا وبقبضتيه العشبُ حانٍ
سأمسكه اخضرارا أو تصوّرْ..
هنا لا شيءَ غيركَ غير أنّي
أريد الخمرَ داليةً و مَيْسِرْ
وجاءتْ دمعةٌ بيضاء نحوي
إليه و بيننا جفنٌ و خنجرْ
إلام النّخلُ صوفيُّ الأماسي
وصدرُ وسادتي قلقٌ تصحّرْ؟
إلامَ اللّيلُ يجدلُه اعتقادي
بأنّ ضفيرتي بيديكَ تشعرْ؟
إلامَ الأرض تحرث جرح قلبي
ووحدي أحفرُ الدمعاتِ أُنْظُرْ..؟
إلى مَن علبة الألوان إنّي
قصاصةُ طفلةٍ من غير دفترْ؟
تخيّلْ قد جمعت إليك بعضي
وأبقيت الذي تنسى و أذكرْ
تخيّلْ أقسمت ذاتــــــي بأن لا..
وأنت الذات من للذات يهجر!؟
تخيلني وأنت و بعض صمتٍ
تناهى دمعتين فهل سنمطرْ؟
تخيلُه الرّصيفَ يداً ترانا
و نمسكها ربيعا هل سيكبرْ؟
تخيّلْ لو ذراع العطر يحنو
وخصر الوردِ أعوامٌ و أشهرْ
تخيّلْ لو تقاسمنا الثواني
أكان الطفل في طفلي تغير؟
تخيّل لو تعايدني تخيلْ
ستبتسم الوسائطُ والمَسَنْجَرْ
تعليقات