أحمد الصراف: من أجل الحرية

زاوية الكتاب

كتب أحمد الصراف 450 مشاهدات 0


كمواطن مهموم بالشأن العام في وطني الصغير، فإنني لا أفضل قيام الحكومة بوضع كل ما لدينا من «بيض» في سلة واحدة، أو الانحياز التام لقوة عالمية دون غيرها، بل موازنة تحالفاتنا معها، وعدم معاداة أية جهة، مع إعطاء شيء من الثقل لعلاقاتنا مع أميركا وبريطانيا!
***
يحيرني انحياز البعض، شبه الأعمى، لدول تميل لحكم الفرد، وتأييدهم لمواقفها، بالمطلق، والاستماتة في الدفاع عن مغامراتها، أيا كانت، وتبرير أفعالها... ومع هذا رفض العيش فيها، أو حتى زيارتها، دع عنك دعم عملتها، أو الاستثمار فيها، ليقينهم بخسارة أموالهم، إن فعلوا ذلك، فما أسهل المتاجرة بأرواح الآخرين، وغض النظر عن مآسي الشعوب!

***

كان للفن، والغنائي منه بالذات، دور في حياة الشعوب، خاصة المضطهدة، كونها الوسيلة الأقوى والأسرع انتشاراً في التعبير عن آلام وأحلام الفرد والأمة، كما كان يفعل الأفارقة الذين خطفوا للعمل سخرة في مزارع القطن بأميركا.

قام مطرب إيراني شاب يدعى شرفين حاجي پور، بتلحين وغناء ما أصبح، خلال أيام، عنواناً للانتفاضة الشعبية في إيران، حيث صاغ كلمات أغنيته من نصوص انتقاها من بين كم كبير من الرسائل القصيرة التي تبادلتها شرائح المجتمع الإيراني على وسائل التواصل، عشية مقتل مهسا أميني وهي قيد الاعتقال، معبرين بصدق عما دفعهم للخروج والتظاهر، ضد النظام، ولسان حالهم يقول:

من أجل الرقص في الأزقة

من أجل الخوف من قُبلة في الشارع

من أجل أختي وأختك وأخواتنا

من أجل تغيير الأدمغة الصدئة

من أجل الخجل من جيوب فارغة

من أجل التوق لعيشة طبيعية

من أجل طفل يبحث في القمامة عن أمنياته

من أجل الاقتصاد المفروض علينا

من أجل هذا الهواء الملوث

من أجل شارع «ولي عصر» وأشجاره الميتة

من أجل «الشيتا» التي ستنقرض

من أجل الكلاب الضالة البريئة

من أجل الدموع التي لا تتوقف

من أجل الاشتياق لهذه الصورة

من أجل الوجوه الضاحكة في بروفايلنا

من أجل التلاميذ ومستقبلهم

من أجل النعيم الإجباري

من أجل النخب المميزة في السجون

من أجل أطفال أفغان

من أجل رفض تكرار الشعارات الفارغة

من أجل أنقاض بيوت الدولة المنهارة

من أجل الهدوء والطمأنينة

من أجل ضوء الشمس بعد ليالٍ طويلة

من أجل الحبوب المهدئة والأرق

من أجل رجل وإعادة بناء وطن

من أجل فتاة تمنت لو كانت صبياً

من أجل المرأة... من أجل الحياة

من أجل الحرية الحرية... الحرية... الحرية

***

انتشرت الأغنية، بلغتها الأصلية وترجماتها المتعددة، كالنار في الهشيم، مستقطبة خمسين مليون مشاهدة على مدى بضعة أيام، فتحركت قوات الأمن، وألقت القبض على المطرب شرفين، وألغت حساباته، ولا يعرف عن مصيره شيء، حتى لحظة كتابة هذا المقال!

لا يمكن معرفة قوة معاني الأغنية، ومغزى كلماتها بغير الاستماع لها، بالفارسية والإنكليزية.

تعليقات

اكتب تعليقك