فهد البسام: مضى العمر سريعاً...
زاوية الكتابكتب فهد البسام سبتمبر 22, 2022, 10:57 م 545 مشاهدات 0
لا أحد يعرف متى سيكون آخر يوم له على وجه هذه الأرض ليقول بنبرة عميقة لا تخلو من حسرة وحكمة مفترضة «مضى نصف العمر»، إلا أنني سأقولها لكم اليوم مع تمنياتي ببلوغ النصف الآخر بصحة وسلامة وذاكرة جيدة، ولكن للأسف من دون رصيد الحكمة الكافي الذي يجب أن يرافق مثل هذه الجملة عادة.
إلا أن ذلك لا يمنع من وجود بعض الدروس والطعون التي تلقيناها خلال النصف الأول، وإن كانت المجلات الأكاديمية المحكمة لا تنشر مثل هذه التجارب والأبحاث العملية، إلا أن الأمانة العلمية والواجب الأخلاقي يفرضان علينا نشر العلم وعدم كتمه، ونقله لمن يلوننا لعلهم يستفيدون، أو لن يضروا في أسوأ الأحوال، فقد أكون أكبر منكم قليلاً لكن القلب بالعشرين مازال يلعب، وفارق السنتين قد يمنحني بعض الحق في تزويدكم ببعض خبراتي المتواضعة جداً عن الحياة على نفس الكوكب وبين ذات الناس الذين ستعيشون معهم وقد تقضون بقية عمركم بينهم.
اعلم بدايةً، أن كثيراً ممن تراهم طوالاً عراضاً هم مثل سمكة «الزبيدي» فلا يغرنك الارتفاع والوزن والأسعار الموسمية، فمع أول اختبار أو مواجهة ستكتشف كم كنت مخدوعاً وكم أنهم أنحف و«أسخف» كثيراً مما توقعت، كما أن أصدقاء السوء ليسوا بهذا السوء، فرافقهم ولا تندفع معهم، ستندم على ما لم تفعل أكثر من ندمك على ما فعلت، فافعل ولا تتردد، ولا تخف من التجارب، فهي جوهر الحياة وأساس التكوين، وافعل الآن ما تريد أن تتذكره وتتفاخر به أمام نفسك عند كبرك، فرأي الآخرين مهم لكن لا تهتم له كثيراً، وتطرف الآن قدر المستطاع حتى تعرف قيمة الاعتدال لاحقاً، فكثيراً ما تكون حماقات مرحلة الصبا رصيد انطلاقك في مرحلة التعقل، ولا تمش عكس التيار بل تجاهله تماماً، لكن لا تعتقد بذات الوقت أنك شجرة مثمرة أو قافلة تسير وأن هناك من ينبح، فأنت مجرد إنسان بسيط تمضي بك الأيام رغماً عنك والسنوات تطوى، والدين ليس له رجال أو أحزاب لكنه ما وقر بالقلب وصدقه العمل فقط، ورحمة الله سبحانه وتعالى أوسع من خيال البشر، فلا تخف ولا تقنط، ولا تنخدع بقصر الثوب وطول اللحية، فلحية كارل ماركس أطول من لحية وليد الطبطبائي ومبارك الدويلة مجتمعَين، بل وأكثر حكمة وحياءً، لا تتزوج حتى تنجب من يحمل اسمك ويخلد ذكراك فلست بهذه الأهمية التاريخية، لكن تزوج عندما تشعر أنك تريد أن تتزوج فقط، عظيم جداً أن تقاتل دفاعاً عن أفكارك لكن الأعظم أن تكون أفكارك صائبة أو أقرب للصواب، فالكل راضٍ بعقله لكن لا أحد راضٍ برصيده، والحقائق لا تحتاج للصوت العالي والصراخ والمحسنات البديعية، كما أن أغلب الناس قد يكونون على خطأ فلا تغتر بكثرة الأعداد فالعقل واحد، فإن كنت لا تملك جرأة مخالفتهم فاصمت ولا تنجرف معهم على الأقل. وقد تدفعك الحياة يوماً ما لأخذ دورات بالتطوير الذاتي لتطلق المارد الذي بداخلك، لكن تعوذ من إبليس واعلم من الآن أنه لا يوجد مارد ولا هم يحزنون ووفر فلوسك لما هو أهم، وبالنهاية لا تنسني من فضل دعائك أو شتائمك، يعتمد الأمر على مدى استفادتك، وفي كلتا الحالتين الأجر مضمون إن شاء الله.
تعليقات