خيرالله خيرالله: النفط والغاز الجزائريان لا يصنعان سياسة!

زاوية الكتاب

كتب خيرالله خيرالله 393 مشاهدات 0


محيّر، ذلك الهلع الجزائري في كلّ مرّة يحقّق المغرب اختراقاً أفريقياً يصب في مصلحة قضيّته الوطنيّة، أي قضيّة الصحراء المغربيْة.

كان الواجب الوطني يفرض على الجزائر دعم المغرب في استرجاع أقاليمه الجنوبيّة (الصحراوية).

يعود ذلك إلى الدعم المغربي للثورة الجزائريّة منذ العام 1954 ولمجموعة وجدة تحديداً التي كان بومدين على رأسها.

كانت تلك المجموعة تضمّ، بين من تضمّ، عبدالعزيز بوتفليقة المولود في تلك المدينة المغربيّة التي خرج منها بعد ذلك إلى تلمسان في الأراض الجزائرية التي منها أصول عائلته.

شيئا فشيئا يحقّق المغرب تقدّماً على كل صعيد في أفريقيا. لم يقتصر الأمر على مزيد من الدعم لقضية صحرائه بل تعدّى ذلك إلى نوع من الشراكة في مجالات عدّة.

بين هذه المجالات انشاء مصانع لإنتاج الأسمدة التي تستخدم في الزراعة بفضل الفوسفات المغربي.

لا خدمة أكبر من هذه الخدمة تقدّم إلى الدول الأفريقيّة من أجل دعم أمنها الغذائي.

قبل أيّام سلّم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الرئيس الجديد لكينيا وليم ساموي روتو رسالة من الملك محمّد السادس.

توجت الزيارة بنوع من التصحيح للموقف الكيني من موضوع الصحراء المغربية بعدما بقي هذا البلد طويلاً في دائرة التأثير الجزائري.

أثمرت الزيارة عن بيان صحافي مشترك جاء فيه أنّه «احتراما لمبدأ السلامة الإقليمية وعدم التدخل، تقدم كينيا دعمها الكامل لخطة الحكم الذاتي الجادة وذات المصداقية التي اقترحتها المملكة المغربية، كحل فريد يقوم على وحدة أراضي المغرب» لحل هذه المشكلة.

أكد البيان الصحافي المشترك أن «كينيا تدعم إطار عمل الأمم المتحدة كآلية حصرية لتحقيق حل سياسي دائم ودائم للنزاع حول قضية الصحراء».

أين المشكلة في حصول بداية وعي كيني يتعلّق بموضوع الصحراء؟

لا مشكلة في هذا المجال على الإطلاق. كلّ ما في الأمر أن دولة مهمّة مثل كينيا غيّرت رأيها وسارت في اتجاه اعتماد المنطق.

تماماً كما فعلت قبل ذلك إسبانيا التي اعترفت بدورها بالمبادرة المغربيّة القائمة على الحكم الذاتي الموسّع للصحراء الذي يعني، بين ما يعنيه، تمكن سكان المحافظات الجنوبيّة من ممارسة كلّ حقوقهم كمواطنين مغاربة.

بعيداً عن محاولة تسجيل نقاط على المغرب، من نوع استخدام الرئيس التونسي قيس سعيّد، في استقبال زعيم «بوليساريو» الذي أُرسل في طائرة رئاسيّة جزائريّة إلى تونس كي يشارك في قمة غير مدعو لها، آن أوان خروج الجزائر من سياسة تنمّ عن قصر نظر ليس إلّا.

لا وجود لشيء اسمه «جمهوريّة صحراويّة» ولا «بوليساريو». لا يمكن صنع شيء من لاشيء.

كل ما هناك حرب استنزاف على المغرب عن طريق أزمة مفتعلة اسمها الصحراء.

على أبواب قمّة عربية تستضيفها الجزائر، يؤمل أن تكون في مستوى هذا الحدث، خصوصاً أنّ احتمال حضور الملك محمّد السادس القمة يوفّر له فرصة كي يظهر أنّه استطاع الخروج من عقدة المغرب.

كيف ذلك؟ ثمّة خطوة في غاية البساطة تبدأ بالتصالح مع الواقع والتخلي عن الأوهام من نوع أن إدارة جو بايدن ستتراجع عن اعتراف إدارة دونالد ترامب بمغربيّة الصحراء.

ثمّة ترجمة عملية لهذه الخطوة. تكون هذه الترجمة العمليّة عبر انضمام الجزائر إلى الأكثريّة العربيّة التي اعترفت بدورها بمغربيّة الصحراء.

أين العيب في قراءة البيان الصادر عن قمة الرياض لدول مجلس التعاون الخليجي الست، التي انعقدت قبل عشرة أشهر؟

أكّد ذلك البيان من دون مواربة الوقوف مع المغرب ووحدته الترابيّة.

في النهاية، لا تصنع عائدات الغاز والنفط سياسة بناءة، لا في الداخل ولا خارج الجزائر... إلّا إذا استخدمت هذه الأموال في خدمة الشعب.

ما يصنع سياسة بناءة هو اعتماد المنطق. المنطق يقول إنّ مشكلة الصحراء بين الجزائر والمغرب، وهي قضيّة مفتعلة أساساً.

من يقبل باستضافة قمّة عربيّة بعد رفض البحث في عودة النظام السوري إلى الجامعة العربيّة والفشل في ادراج قضية الصحراء في جدول أعمال القمة، يستطيع ابتلاع إقامة علاقات طبيعية مع المغرب حيث يعرف الملك محمّد السادس جيداً أن الشعبين الجزائري والمغربي توأمان وأنّ لابد من يوم تظهر في هذه الحقيقة الواضحة وضوح نور شمس.

تعليقات

اكتب تعليقك