د.موضي الحمود: بين القديـم والقادم.. والكويت دائماً.. غيـر..

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 692 مشاهدات 0


تتيح الإجازة للمرء متابعة وقراءة ما فاته من كتب ودراسات لم يتح له العمل مطالعتها.. ومن الموضوعات المتداولة مؤخراً، خاصة بعد انحسار وباء كوفيد 19 وتبعاته، هو إمكانية تطوير نظم العمل وساعاته. تاريخياً وخلال القرن التاسع عشر، عرف العالم أن نظام العمل في المصانع تمتد ساعاته من 64 إلى 100 ساعة ولمدة 6 إلى 7 أيام في الأسبوع.. وهو أشبه بنظام السخرة الذي استمر حتى تبنى قانون العمل الأميركي في عام 1940 نظام 40 ساعة عمل ولمدة 5 أيام في الأسبوع.. والمعتمد في أغلب دول العالم حتى وقتنا الحاضر.

نادى كثـير من علماء الإدارة، خاصـــة البروفيسور آدام جرانت وزملاءه من كليـــة وارتون Wharton School وهي كلية إدارة الأعمال الأشهر في العالم بتطوير نظام العمل وتخفيف ساعاته خاصة مع تقدم التكنولوجيا ونظم العمل الآلية.. وقاد هـــؤلاء حملة بعنوان «أسبوع بـ 4 أيام عالمياً» اشتركت فيها 100 شركة أميركـــية وذلك كأسلوب لتحسين جودة حياة العاملين ولحل كثير من المشاكل البيئية كالتلوث وازدحام المرور وغيرهما.

لم تكن الاستجابة لنداء الحملة مشجعة في بدايتها إلا من قبل بعض شركات التكنولوجيا الضخمة.. ولكن مع تعرض دول العالم أجمع لوباء كورونا والذي أجبر الجميع على العمل من المنازل.. زادت المطالبات بتطوير ساعات العمل وتبني نظم العمل المرنة.. فكانت بلجيكا سباقة في إقرار 4 أيام عمل في الأسبوع في بعض شركاتها وإداراتها الحكومية تبعتها نيوزيلندا، وتبنت بريطانيا أكبر تجربة لهذا النظام منذ شهر يونيو الماضي شاركت فيها 60 شركة على أن يعمم النظام عند نجاح التجربة في الإدارات الحكومية، كما أعلنت دولٌ متقدمة أخرى نيتها في اتباع النظام.. وان كان ذلك بالطبع قد لا ينطبق على بعض الأعمال كما في المستشفيات والمطاعم وأسواق التجزئة.

أما في منطقة الخليج فقد كانت دولة الإمارات سباقة في تطبيق نظام «الأربعة أيام عمل ونصف اليوم» في جميع الجهات في القطاع الحكومي الاتحادي في الدولة وفي المدارس.. وقد أوضح الوزير الإماراتي المختص عبد الرحمن العور أن هذا النظام سيؤدي إلى تحسن نفسيات العاملين وارتفاع أدائهم وجذب مزيد من الاستثمارات للإمارات وسيؤدي إلى تحسين كثير من مؤشرات الحياة في الإمارات، ذلك ما يجري حولنا، ولكن ماذا عنا؟ فنحن في الكويت دائماً.. غير! نعلم أن كثيرا من إداراتنا الحكومية تشهد مرونةً في نظم عملها قد تصل إلى حد التسيّب.. فبالأمس فقط تأتينا أخبار القبس بالحكم على 100 موظف برد رواتبهم إلى خزينة الدولة لقيامهم بتزوير بصمة الدوام من خلال «بصمة بلاستيكية» ليداوم هذا البعض في المقاهي والأسواق.. فالحياة حلوة لهؤلاء ولا بأس أن تكون «صعبة» على المواطن الذي يدور دورة الفلك لإنهاء معاملاته. أمم تجتهد وتبحث لزيادة الإنتاجية، ونفر غير مسؤول من موظفي حكومتنا ينادون بمحاربة الفساد وهم يستبيحون المال العام دون عمل وإنتاجية! نحن فعلاً نحتاج إلى «وثيقة» للالتزام يدعمها نظام محاسبة ومراقبة محكم وتصاحبها نفضة قوية للإدارات الحكومية حتى يلتزم الجميع! هذا ما نأمل أن تحرص عليه حكومتنا القادمة، وحرياً أن يوقع مرشحو مجلس أعضاء أمتنا القادم على هكذا وثيقة (وليس وثيقة تناقض جهراً دستور الدولة ونظمها وتصادر حرية البشر وحقوقهم).. وعندما نصل إلى هذه المرحلة - إن شاء الله - سنتمكن من مناقشة تطوير نظام العمل أربعة أيام أو غيره كغيرنا من الأمم الملتزمة.

اللهم احفظ الكويت وهيئ لها الصالح من أبنائها.

تعليقات

اكتب تعليقك