داهم القحطاني: إيران وأميركا.. وجعنا المزمن

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 550 مشاهدات 1


دول الخليج العربي موعودة بتصعيد إيراني جديد في المنطقة في حال استطاعت طهران خلال الميل الأخير من مفاوضات الملف النووي الإيراني إقناع «الشيطان الأكبر» الأميركي بأنها حمامة سلام، وأنها يمكن أن تكون شرطي المنطقة المطيع تماماً، كما نجحت في ذلك مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومع وزير خارجيته جون كيري المتأثر بالثقافة الإيرانية، التي ربما تشرَّبها من خلال زواج ابنته بأميركي من أصل إيراني.

الأميركان لا ينظرون إلى الشرق الأوسط سوى فرصة اقتصادية عظيمة، لا يحق لأحد سوى الشركات الأميركية الكبيرة أن تستنزف ثرواته، ولو كان ذلك على أشلاء ودماء وجوع ملايين الشرق أوسطيين عرباً، وفرساً، وكرداً، وغيرهم، لهذا يجد المفاوض الإيراني سهولة كبيرة في إقناع المفاوض الأميركي بما يريد، فمع كل تشدّد أميركي هناك مشروع اقتصادي ضخم يلوح به الإيرانيون بطريقة العصا والجزرة، كما حصل أخيراً حين وقعت الحكومة الإيرانية عقداً ضخماً مع شركة غازبروم الروسية، لتذكير الشيطان الأكبر بأن هناك شياطين أُخرى جاهزة لتوفير المليارات. 

الحكومة الإيرانية بارعة جداً في إنتاج عشرات الوجوه في اللحظة الواحدة، فهناك وجه يدعو الجيران الخليجيين إلى التصالح، وعدم إتاحة الفرصة للشيطان الأميركي للتخريب بين الجيران، وهناك وجه آخر يدعو الأميركان إلى التعاون مع إيران ذات الحضارة العريقة، وترْك هؤلاء الأعراب المتخلفين، وهناك وجه ثالث يحذّر من التدخل الخليجي في الشأن الإيراني الداخلي في ما يتعلق بمسألتي الأحواز وبلوشستان، في حين يتفاخر وجه رابع بتحكّم إيران بأربع عواصم عربية، والخامسة في الطريق.

دول الخليج العربي قرّرت أن تواجه السياسة الإيرانية المخادعة ميدانياً في اليمن، والعراق ونجحت إلى حد كبير، رغم الكلفة العالية في منع تحويل هذين البلدين إلى مستعمرتين إيرانيتين، في حين تركت الإيرانيين يتورطون في سوريا ولبنان عبر تبنّي سياسة النأي بالنفس، ولكن كل النجاحات التي حققتها دول الخليج مهدّدة بالتراجع في حال قرّر الشيطان الأكبر الأميركي أن يعطي حكومة الملالي في إيران الفرصة لأن تعبث من جديد في الأوضاع الشرق أوسطية، وهي الأوضاع المتفجرة بالأصل.

دول الخليج وهي دول عميقة، لدى نظمها الحاكمة منذ مئات السنين الخبرة الكافية للتعامل مع الجشع الأميركي والخبث الإيراني، لا تحتاج لأن تبذل الكثير لتواجه التحالف الأميركي الإيراني، الذي تنسج خيوطه فوق الطاولة وتحتها، فالعالم لم يعد محتكراً لقطب واحد، والجار الإيراني لم يعد قادراً على الاستمرار في سياساته المخادعة.

المطلوب من دول الخليج العربي الانفتاح على تركيا، وروسيا، والصين، والهند، وأندونيسيا، والبرازيل، وجنوب أفريقيا، لتخلق نظاماً أمنياً يقوم على ترتيبات اقتصادية، وأهلاً بأميركا إن تخلت عن جشعها وانتهازيتها ومعاييرها المزدوجة، وأهلاً بالجارة المخادعة إيران إن قرر هذان البلدان أن شعوب ودول الخليج العربي لا يمكن أن يكونا سلعة لرجل أعمال أميركي واهم، ولا لمعمّم إيراني حاكم.

تعليقات

  1. حياك الله وبياك هو هذا المطلوب فعلا . على المسلم ان يكون فطنا

اكتب تعليقك