محمد أبو شرارة: تخميسات على رائعة المتنبي

فن وثقافة

982 مشاهدات 0


الشاعر السعودي المتميز محمد أبو شرارة يصافح متابعي هذه النافذة الأدبية بقصيدة متوهجة جاءت بأسلوب التخميس في الشعر ،إذ أن البيت الأخير بشطريه في كل مقطع هو للشاعر الخالد أبي الطيب المتنبي، بحيث يتجلى الانسجام بين الأشطر الثلاثة الأولى لشاعرنا مع شطريْ بيت المتنبي في مبناها ومعناها ودلالاتها.
والتخميس في الشعر ليس بالأمر الهين، إلا أن الشاعر نجح في صياغة النص على الوجه الأمثل، فبقي المتنبي بضوئه الساطع الخالد، وظهر محمد أبو شرارة بضوئه الخاص، وقصيدة مخمّسة رائعة:

أَجِدُّ والدَّهرُ وَيحَ الدَّهرِ يُخلِفُنِي
قلَّدتُه الدُّرَّ من قَوْلي ويَحرِمُنِي
لا كنْتُ إِن لم أُفرِّقْ مَفرِقَ الزَّمَنِ
"الخَيلُ والَّليلُ والبَيْداءُ تعرفُنِي
والسَّيفُ والرُّمحُ والقِرطاسُ والقَلَمُ"


كسرتُ عن زُحلِ الأَفلاكِ ما اتَّحَدَا
فقالَ لي النَّجمُ: لا تَسأَلْ فَلَنْ تَجِدَا
ولستُ أَبغِي بِنَارِ العَارِفِينَ هُدَى
"صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِدَا
حَتّى تَعَجَّبَ  مِنّي  القُورُ  وَالأَكَمُ"


لمْ أَسأَلِ الدَّهرَ عنْ ضَوْضَاءِ كوْكبِهِ
وما سَأَلتُ ابنَ ديَّارِينَ عَنْ أَبِهِ
وإِنْ يَكنْ سَعيُهَا فِي عَينِ مُنْتَبِهِ
"وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ
حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ"


زَهِدتُ فِي الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ والنَّشَبِ
وفِي الكوَاكِبِ والسَّيَّارَةِ الشُّهُبِ
لأَنَّنِي خالِقُ الأَكوَانِ فِي الكُتُبِ
"أَنَا الَّذي نَظَرَ الأَعمَى إِلى أَدَبي
وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ"


أَنْهَلتُهَا العَلَّ قَسرًا مِن مَوَارِدِهَا
وطُفتُ بالفَلَكِ الدَّوّارِ في يَدِهَا
وقُلتُ للشَّمسِ: كُونِي تَاجَ سُؤدَدِهَا
"أَنامُ مِلءَ جُفونِي عَن شَوارِدِها
وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ"


يَامَنْ تَسَاءَلتَ عنَّا كيْفَ تُنْكِرُنَا
ونَحنُ مَنْ أَبْهَرَ  الدُّنيَا  تَأَلُّقُنَا
مُهَمَّشُونَ  ويُعمِيكمْ  تَوَهُّجُنَا
"سَيعلُم الجمعُ ممن ضمَّ مجلسُنا
بأنني خيرُ من تَسعَى به قَدَمُ"

تعليقات

اكتب تعليقك