حسن شهاب: عُزلةُ الرَّائي‬

فن وثقافة

الآن 673 مشاهدات 0


ويمرُّ بي الفقراءُ
بسمتُهم..
لا دمعُهم
تقتاتُ مِنْ بؤسي

لدموع الفقراء مبررها المنطقي ، فللفقر  جنونية القمع ، وماللعين التائهة إلا سرابية الدمع، لكن "بسمتهم" الحائرة بين الأمل واليأس، الساخرة من جور الحياة ،والخاضعة لسلطان القدر، هي  الأشد ألماً في وجدان الشاعر فكأنها تقتات روحه بؤسا:

حسن شهاب أحد شعراء العرب الكبار ، والمتميز شعرا في الإعلام المرئي ومساحات التواصل الاجتماعي يصافح محبي الشعر بهذه القصيدة الرائعة تصويراً وتعبيراً والمفعمة بالنبض الإنساني:

مُتَهيِّئٌ للكَشْفِ
والحَدْسِ
نفسي..
تفضُّ السرَّ عَنْ نفسي
يومي..
غدٌ آتٍ أُسابقُه
حتى أكونَ سوايَ في الأمسِ
وأخونُ ضجَّةَ كوكبٍ ضَجِرٍ
وأريقُ هذا الكونَ
مِنْ كأسي
مِرْآتُه..
ليستْ تُشابهُني
وسماؤه..
ضاقتْ على شمسي
أمَّا الحياةُ..
فإنَّها وطنٌ
للصِّ
والصعلوكِ
والقَسِّ
أُنْثَى..
ولكنْ بنتُ ليلتِها
طلَّقْتُها..
في ليلةِ العُرْسِ
واخْتَرْتُ
أنْ أحْيَا مغامرةَ الدنيا
وأصبحَ حيثُ لا أُمْسِي
آوِي إلى بيتٍ
على ورقٍ
وأنامُ حيثُ تميلُ بي رأسي
لغتي..أنا
لا شيءَ يُشبهُنا
في الكونِ
مِنْ جنٍّ
ومِنْ إنْسِ
وقصائدي سفنٌ
أخيطُ بها ثوبَ الرياحِ
فليسَ بي تُرسي

(وَحْدِي هُنا..
في الرُّكْنِ مِنْ نفسي..)

ولعُزْلتي بابٌ
أُورابُه
لتذوقَني تفاحةُ الحِسِّ
لفراشةٍ..
تركتْ طفولتَها
لتحطَّ فوق أناملي الخمسِ
لِصِحَابيَ الشعراءِ
أعلمُ ما يُخفونَ لي
مِنْ طعنةٍ خلْسِ
لملائكِ الأطفالِ
تلثغُ بي وبأحرفي
في دفترِ الدَّرْسِ
لدمٍ شهيدٍ..
قد سَقَى كَلِمي
فَشَمَمْتُ عِطْرَ اللهِ
في غَرْسي
ولثائرٍ..
صوتي ورايتُه في الناسِ
يُفْزِعُ (صاحبَ الكُرْسي)
ويمرُّ بي الفقراءُ
بسمتُهم..
لا دمعُهم
تقتاتُ مِنْ بؤسي
وأنا وراءَ البابِ..
أسخرُ مِنْ أملٍ يُضلُّ الناسَ
أو يَأْسِ
أبتاعُ أيامي..
وأخسرُها
وأبيعُ
هذا الكونَ
بالبَخْسِ

تعليقات

اكتب تعليقك