مبارك الدويلة: مشكلة مثقف كويتي
زاوية الكتابكتب مبارك فهد الدويلة أغسطس 16, 2022, 10:12 م 408 مشاهدات 0
بعض من يفترض أنهم مثقفون يعانون من عقدة التقليد، تقليد من يرونه أنه قد سبقهم في الشهرة، ولو كانت شهرة مزيفة، أو شهرة في توافه الأمور أو الساقط من الفعل والقول!
هذه الظاهرة أوضح ما تكون عند أصحاب الأقلام وكتّاب الزوايا! حيث يحرص هذا الكاتب على تقليد كاتب آخر يراه قد سبقه في هذا الميدان، وإن كان معروفاً بانحراف فكري أو سلوكي، لذلك لا تستغرب أن تقرأ لأحد هؤلاء، وهو يكرر أكاذيب غيره، وإن ملّ الناس من تكرارها، أو يعطي حوادث تاريخية مغلوطة من دون أن يعلم أنها كذلك، بينما الناس يعرفون الحقيقة المخالفة لما يدعيه.
بالأمس كتب أحد هؤلاء مقالاً تكررت أفكاره في زاوية زميل له وجار له مرات عدة، بل لا أكون متجنياً عليه إن قلت حتى عباراته اقتبسها منه.. ولولا أنني مدرك لصاحب المقال، لظننت أنه صاحبنا (ما غيره) لكثرة انتقاده للظاهرة الدينية ولسلوك المتدينين، وبالذات «الممثل الرسمي للإخوان المسلمين ـ فرع الكويت»، كما يحلو له تسميتهم.
لكن أن يأتي هذا المقلّد للفكر العلماني ويسرد حوادث تاريخية بشكل مشوه ومنافٍ للحقيقة، فهذا قمة المأساة عند هذا المفترض فيه أن يكون مثقفاً!
«تحالفت الحكومة مع الإخوان ضد الوطنيين وأدخلتهم الوزارة مقابل السكوت عن تزوير الانتخابات في الستينيات والسبعينيات…»!!
أي تلفيق وكذب هذا؟ بل في أحسن الأحوال أي تشويه للحقائق التاريخية هذا الذي يكتبه زميلنا المثقف؟
التزوير في الستينيات قد يكون معلومة صحيحة، لكن حينها لم تكن في ساحة العمل السياسي تيارات دينية، بل لم يدخل الحكومة من هو محسوب على تيار الإخوان كما ذكر!
في السبعينيات لم يكن هناك تزوير أصلاً، ولعله قصد حل مجلس الأمة في عام 1976، لكن أين تحالفت الحكومة ضد الوطنيين كما قال؟ هل يقصد مشاركة الشيخ يوسف الحجي في حكومة ما بعد الحل؟ ألم تكن هي الحكومة نفسها التي شارك فيها خمسة من رموز العمل الوطني في تلك الحقبة؟ أم يريدني أن أذكّره بالأسماء؟!
ويستمر تكرار ممل للأكاذيب وبعبارات شيوخه من العلمانيين المفضوحين نفسها عندما يقول «محاولاتهم اختطاف العمل السياسي، كما ورد ذلك في مقابلة الراحل سعود الناصر»، وهو يعلم أننا علقنا على ذلك سابقاً بالأدلة رداً على ما ذكره شيخه العلماني في مقالات عدة، وبيّنا أن أحكاماً قضائية صدرت تؤكد أن ما ذكره الشيخ سعود غير صحيح، وأن هناك من كسب قضايا ضد صحف نشرت كلام الشيخ سعود المذكور.
يحز في النفس أن نلاحظ أنه ما زال بيننا من يعتقد أن أقصر طريق للشهرة هو شتمك للمتدينين وتعمّد تشويه تاريخهم، وينسى هذا المسكين أن جلد هؤلاء أصبح يابساً، وأن الناس وعوا حجم الافتراء عليهم ولم تعد تنطلي عليهم خزعبلاتهم!
ومن شدة تفاهة بعض أفكارهم تجدهم يستنكرون على الحكومة وضع المتدينين في مناصب قيادية في وزارة الأوقاف وبيت الزكاة ولجنة استكمال تطبيق الشريعة، وغيرها من المؤسسات ذات الطابع الإسلامي! وكأنهم يتوقعون أن يتسلم وزارة الأوقاف علمانيون ولادينيون، وقد حدث ذلك بالفعل، وليته يتكرّم علينا ليقيم وضع الوزارة في زمنه!
بعض أنصاف المثقفين هؤلاء يطالب الحكومة بفتح ملف ميزانية هذه المؤسسات والجهات الحكومية التي، كما يدعي، تسلّمها الإخوان سابقاً واليوم يديرها السلف! لتعي الحكومة حجم الأموال العامة فيها وما شابها من تجاوزات وسوء إدارة! وليته سكت..!
لم ينتبه أشباه المثقفين هؤلاء إلى أن ميزانية هذه المؤسسات تتم مراقبتها من ديوان المحاسبة، ومن لجنة الميزانيات في مجلس الأمة، أي أن الحكومة ابتداء محيطة علماً بكل مصاريف هذه الجهات!
عزيزي القارئ
إذا أردت أن تعرف سبب تكرار هذه الأباطيل والأكاذيب مع علم الناس لها، فاستمع إلى ما ذكره هذا الكاتب في آخر مقالته، عندما كرر مطالب قدوته في العلمنة نفسها، فقال بكل وضوح وجرأة «ضرورة غل أيديهم وإقصائهم عن السيطرة على مؤسسات الدولة حتى لا يستغل النفوذ لمصلحة مرشحيهم، وهو إجراء يجب أن تقوم به الحكومة فوراً... وإن كلفنا ذلك تأجيل الانتخابات»!
هذه هي حقيقة الفكر العلماني الذي يدعي كذباً وزوراً احترام الرأي الآخر وتقبّل مخالفيه!
تعليقات