أ. د عبداللطيف بن نخي: المرشّح سعود العصفور

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 626 مشاهدات 0


اطلعت قبل أسبوع على بيان صادر من الإعلامي سعود العصفور معلناً فيه عن نيّته خوض «معركة» انتخابات مجلس الأمة المرتقبة. ولمحدوديّة معلوماتي عنه لا أستطيع تقييمه كمرشّح لتمثيل الأمة، ولكنّني بناءً على المعلومات التي حصلت عليها عبر شبكة الإنترنت، وجدت فيه مزِيّة حسنة، لا يمتلكها إلا القليل النادر من نوّاب مجالس الأمة، وهي القدرة على طرح وتبنّي آراء إصلاحية غير شعبوية، بل المعاكسة النقيضة للرأي العام. وتعتبر هذه الخصلة من الصفات المفصليّة الواجب توافرها في السياسيين الإصلاحيين، وهي التي تميّزهم عن الإصلاحيين الصوريّين المتكسّبين انتخابيّاً.

لست بصدد تزكية العصفور، لأنني كما أشرت سلفاً لا أعرفه بالقدر الذي يسمح لي بتقييمه، ولكنّني حريص على تسليط الضوء على أحد مواقفه الإصلاحية المتميّزة، بغرض تسويق المزيّة الحسنة المرتبطة بالموقف كأحد معايير تقييم النوّاب والسياسيين، وكأحد عناصر المفاضلة بين المرشحين لعضوية المجلس القادم.

في لقاء متلفز مع أحد الإعلاميين المستقلّين، نُشر عبر منصة اليوتيوب قبل قرابة شهر، تحدّث العصفور حول أثر الإعلام على الرأي السياسي، مستشهداً بالعديد من المحطات في مسيرته الإعلامية. وشدّ انتباهي موقفه من قضيّة سحب جنسية ياسر الحبيب، وتحديداً قوله «أنا ما عندي خلاف أن ياسر الحبيب أجرم ويستحق العقاب، ولكن يجب ألّا يكون حق المواطنة وسيلة للعقاب أو وسيلة للترهيب». وكذلك قوله إن «موضوع الجنسية يجب أن يكون بعيداً عن كل التجاذبات السياسية، وأنا لا ألوم السلطة فقط، بل ألوم أيضاً المعارضة في ذلك الوقت».

السياسي الفطن – حسب رأي العصفور – يجب أن يتّخذ مواقفه السياسية بنظرة شاملة واسعة، بعد استطلاع آثارها الفورية واللاحقة على المديين القصير والبعيد. ويضيف أنه وفق آثارها اللاحقة، المطالبة بسحب جنسية ياسر الحبيب كان يجب ألّا تمر مرور الكرام.

بالرجوع إلى أرشيف جريدة الراي، وجدت الموقف ذاته موثّق في مقاله المعنون «جنسية ياسر الحبيب»، الذي نشر في سبتمبر 2010. حيث جاء فيه: «الجنسية يا نوابنا الكرام ليست ولا يجب أن تكون بأي حال من الأحوال جائزة أو عقاباً. ابعدوها عن الصراعات السياسية والقانونية والشرعية، بل وحتى الاجتماعية. حق المواطنة لابد من بقائه حقاً مقدساً لا تمسّه يد».

اعترض العصفور في لقائه على عدد من حالات سحب الجنسية، وكان من بينها سحب جنسية سليمان بوغيث. حيث أشاد بمكرمة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، التي بموجبها منحت الجنسية لهاجر ابنة سليمان بو غيث، التي ولدت بعد أيّام معدودة من سحب جنسية والدها. ولكن من بين كل حالات الاعتراض، يبقى اعتراضه على سحب جنسية ياسر الحبيب هي الأصعب، نظراً لشدّة الضغط الشعبي المطالب بسحبها.

لست معنياً بجنسية ياسر الحبيب، ما يهمني في هذا المقال هو التمييز بين فئتين من الجرأة على المواجهة وتبنّي الإصلاح. ففي الوقت الذي تتكبّد فيه الكويت عناء تزاحم وتسابق النوّاب والسياسيين في التكسّب السياسي عبر انتقاد الحكومة، نعاني من ندرة وشحّة في عدد الإصلاحيين الذين يمتلكون جرأة مواجهة الرأي العام. فمعظم النوّاب والسياسيين المتوافقين اليوم مع الرأي العام في المطالبة بتحصين حق المواطنة، كانوا قبل أكثر من عقد من الزمن متوافقين أيضاً مع الرأي العام، ولكن في المطالبة أو في السكوت عن المطالبات بإسقاط الجنسية عن ياسر الحبيب تحديداً، وعن غيره في أزمة التأبين وفي غيرها من الأزمات ذات البعد الفئوي.

لذلك، علينا في الانتخابات المقبلة الحذر من مكر الإصلاحيين الشعبويين، المتموّجين والمتقلّبين في مواقفهم وآرائهم، وعلينا الاجتهاد في البحث عن من يملك بصيرة سياسية ممزوجة بجرأة مؤكّدة على مواجهة الفساد، أينما كان ومهما ساءت عواقبه الانتخابية... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك