‫الشاذلي القرواشي: الشطرنج‬

فن وثقافة

الآن 840 مشاهدات 1


"هَلْ أنَّـنِي مَلِكٌ رَايَـاتُهُ انْـكَسَفَتْ ؟
أَمْ أَنَّـنِي الْلاَّعِبُ الْمَهْزُومُ  يَكْـتَـئِبُ"

بين انكسار الملك "الحلم الأكبر"بكل سلطانه وهيلمانه وتبعات ذلك  على مصير مملكته ، وانكسار لاعب مغامر "الحلم الملحّ" رمت به مغامرته في دوامة المجهول ، يتضح الفارق بين الانكسارين ، الأمرّ والأقل مرارة ، لكنه انكسارٌ على أية حال.

الشاعر التونسي القدير الشاذلي القرواشي
يجدد تواصله مع محبي الشعر بهذه القصيدة الرائعة مضموناً وبناءً ورؤية:

لَكَمْ سَكَبْتِ عَلَيَّ الْـمَاءَ ضَاحِـكَةً
وَفِيـكِ رُوْحٌ مِنَ الْـأَمْوَاهِ يَنْسَـكِبُ

وَبِـــتُّ أُمْــــعِــــنُ فِـي الإِبْــــرِيـــقِ أَنْـكُـتُـهُ
وَصِرْتُ أَسْـأَلُ كَيْفَ الرُّوحُ يَنْسَحِبُ؟

وَكَمْ ذَكَـــرْتُــــكِ حِــــينَ الْلَّـــــيْلُ غَــــالَـبَنِي
وَكَـانَ عَطْــــرُكِ فِـي الْـأَسْحَارِ يَقْـتَرِبُ

وَكُـنْتُ وَحْدِي أَلُوكُ الصَّمْتَ مُرْتَـقِبًا
حَـتَّى أَتَـيْتِ فَطَاشَ السُّـقْمُ وَالْكَرَبُ

بَسَطْتِ لِي رُقَـعَةَ الشِّطْرَنْجِ فِي طَرَبٍ
وَقُـلْتِ: " هَـيَّا أرِيكَ الْآنَ مَا الْلَّعِبُ "


وَثَـبْتُ مِثْلَ مُلُـوكِ الْأرْضِ مُنْـتَشِيًا
وَرُحْتُ أَرْنُـو إلَـى جُـنْدِي وَانْتَخِبُ

وَقُـلْتُ هَذِي جُـنُودِي الآنَ وَاثِقَـةٌ
وَذَاكَ جُـنْدُكِ فِـي الْمَيدَانِ يَـرْتَعِبُ

وَجَّـهْتُ خَيْلِي إِلَى الْـأَطْرَافِ أُرْسِلُهَا
أَرْمِي الْقِلاَعَ عَجُـولاً ثُـمَّ أَنْـسَحِبُ

كُلُّ الْبَـيَادِقِ صِـرْتُ الْآنَ آسِـرَهَا
وَصَارَ يَمْلَـؤُنِـي الْإعْجَابُ وَالْـطَّرَبُ

وَفَجْـأَةً حُمْتِ حَوْلَ الْعَرْشِ صَامِتَـةً
وَكُنْتُ أَقْـفُو خُـيُولاً كُنْهُـهَا الْخَشَبُ

وَقُـلْتِ لِي قِفْ وَإلاَّ مِتَّ يَـا رَجُـلاً
وَلَيْسَ يُجْدِيكَ كَـرُّ الْحَرْبِ وَالْـهَرَبُ


وَحِيـنَ بِـتُّ بِــرُكْـــنِ اللَّـوْحِ مُـنْـكَفِـئًـــا
سَأَلْتُ كَيْفَ بَدَا فِي سَيْفِـيَ الْعَطَبُ

وَقَــــفْتُ وَحْــدِي بِــلاَ زَادٍ وَلاَ حَــــرَسٍ
وَمَا انْـتَـظَرْتُ سِوَى مَا يَفْعَلُ الْعَجَبُ

هَذِي دِمَائِـي عَلَى الشِّطْرَنْج بَـادِيَـةٌ
هَذِي جُـنُودِي أَرَاهَـا الْآنَ تَـنْسَحِبُ

هَلْ أنَّـنِي مَلِكٌ رَايَـاتُهُ انْـكَسَفَتْ ؟
أَمْ أَنَّـنِي الْلاَّعِبُ الْمَهْزُومُ  يَكْـتَـئِبُ؟

مِنْ فَرْطِ غَيْظِي عَضَضْتُ العَظْمَ فِي جَسَدِي
وَقَـدْ نَسِيـتُ كَمَا الْمَعْـتُوه مَا يَـجِبُ

حُجِبْتُ عَنِّي وَصِرْتُ الْآنَ فِـي خَشَبٍ
وَالـــرُّوحُ فِـي مَـــرْمَـــرِ الثِّـمْثَـالِ يَحْتَجِبُ

وَأَنْـــتِ عِـنْدَ فِـطَـــامِ الـــشَّمْـــعِ وَاجِـمَةٌ
يَذْوِي الْفَـتِيلُ وَيَذْوِي النَّجْمُ وَالشُّهُبُ

ثُمَّ انْـسَــحَـــبْتِ وَكَــــانَ الْلَّيْلُ مُـرْتَحِلاً
والعُمْرُ يَعْوِي وَمَا فِي الْقَلبِ يَلْتَـهِبُ

تَرَكْــتِـــنِي فَــوْقَ أَرْضِ الـــتِّــــيهِ مُنْتَظِرًا
حَتَّى اعْتَلاَنِي دُوَارُ الرَّيْبِ وَالسَّـغَبُ

وَكُـــلَّ عَـــامٍ أَقُـــــولُ الْآنَ تَـــعْــــتَــــقُــــــنِي
وَقَدْ يَـئِسْتُ وَبَاتَ الْقَلْبُ يَضْطَرِبُ

فَصِرْتُ أَقْتَاتُ مِنْ جِسْمِي وَمِنْ شَجَنِي
وَصِرْتُ مِثْلَ وَجِـيبِ النَّـاي أنْتَحِبُ

تعليقات

  1. الله

اكتب تعليقك