د.موضي الحمود: حتى نطفئ حرائقنا السياسية

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 785 مشاهدات 0


لم يكن مستغرباً أن تتردد في السنوات الأخيرة الشيلات العصبية من قبل شباب الجامعات وأثناء مواسم الانتخابات الطلابية.. ولم يستنكف الكثيرون من أبناء الشعب عن رفع رايات الولاء القبلي والطائفي والحزبي في انتخابات مجلس الأمة أو انتخابات الجمعيات التعاونية أو حتى في انتخابات النقابات العمالية.. حتى أصبح الأمر مسلماً به، وكأنه حق لكل فئة الانتصار لاتباعها.. غذى هذا السلوك تغافل أجهزة الدولة عنه لفترة طويلة، وتراجع القانون عن تجريمه، حتى سميت الانتخابات الفرعية «بالتشاوريات»، التي عُقدت جهاراً نهاراً وبصناديق وأوراق مختومة.. وكانت أجهزة «الداخلية» تراقب ولا تتدخل.. كما تنافس بعض أقطاب المال والسياسة في شراء الولاءات النيابية.. وكان كل ذلك يتم تحت شعار الديموقراطية وهي منه براء.. على اثر هذه الممارسات وغيرها اشتعلت كثير من حرائقنا السياسية التي أجهضت - مع الأسف - كثيراً من جهود الإصلاح وعطلت عجلة التنمية ومشاريعها.

ولكن الله سلّم وفُتحت لنا نافذة للأمل مع النطق السامي الذي أتى مع نهاية الأسبوع الماضي ليُرسي ركائز تفاؤل بعد مكاشفة صريحة لمواطن الخلل في الساحة السياسية ولأداء السلطتين التنفيذية والتشريعية.. ومبشراً بتوجه مخلص للتمسك بدستور الدولة كأساس لانطلاق الإصلاح بهيئة جديدة، داعياً الجميع إلى المشاركة في هذا الجهد المستحق لوضع الكويت على الطريق الصحيح.

ولكن.. وآه «من لكن».. فإشعال جذوة الأمل في الخطاب وحده لن يكفي.. فهناك جهود مطلوب بذلها من قبل الحكومة وأجهزتها (سواء الحكومة المستقيلة أو الجديدة) ومن قبل أفراد الشعب ومنظماتهم المدنية.

ولعل البداية المطلوبة الآن والتي لا تحتمل التأخير تتطلّب التالي:

* البدء بمراجعة ما تتداوله الأنباء من إضافات وتزوير لإرادة الناخبين نتيجة النقل الجائر والتسجيل غير المنضبط في ملفات المواطنين ومن قبل هيئة المعلومات المدنية، وذلك لقطع الشك باليقين. 

* التصدي بحزم لأي «تشاوريات» أو انتخابات فرعية وهو أمر مطلوب بذله.. أولاً من قبل الشباب الواعي والمؤمن بتكافؤ الفرص، ثم من قبل الأجهزة المعنية وقت الانتخابات القادمة بإذن الله.

* بذل الجهد الحقيقي لرصد حركة شراء الأصوات، وهذا أمر لن يصعب تتبعه ومعرفة سماسرته ممن ينشطون الآن وفي الوقت الحالي لشراء البطاقات المدنية لانتخابات الجمعيات التعاونية، ولاحقاً لشراء «الجناسي» في انتخابات مجلس الأمة.

* ولاستكمال الجهود، فمن المأمول أن ينشط المجتمع المدني بجمعياته وهيئاته للتوعية ولمحاربة الظواهر السلبية قبل الانتخابات المهنية أو النيابية.

وغني عن القول بأهمية تشكيل حكومة جديدة قادرة على ترجمة تطلعات القيادة على أرض الواقع وبما يحفظ للكويت مكانتها ومنهجها الديموقراطي المحمود.

لقد قدم النطق السامي تحية فتحت الآفاق لشعب الكويت وأهلها، فلنرد هذه التحية الكريمة بأحسن منها.. ولنعمل جميعاً على إطفاء حرائقنا السياسية والتفرغ للإصلاح والبناء.. حفظ الله الكويت من كل مكروه.

***

يحتاج العقل والبدن إلى إجازة قصيرة للراحة خلالها، نلتقي بإذنه تعالى بعدها عن قريب.. إلا إذا استجد جديد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك