حسين العبدالله: تجريم المناشدات الصحافية

زاوية الكتاب

كتب حسين العبدالله 491 مشاهدات 0


قرار وزير الإعلام الصادر مؤخراً يحظر على الصحف نشر المناشدات أو الرسائل المباشرة إلى سمو الأمير أو سمو ولي العهد أو نائب الأمير، استنادا إلى القرارات التي يملك الوزير إصدارها من باب التنظيم للإعلانات التجارية فيما لو اعتبرنا أن تلك المناشدات تعد من قبيل الإعلانات في حال تكييفها من الناحية القانونية.

إلا أن ذلك التكييف يصطدم بمسألتين، الأولى أن تلك المناشدات أو الرسائل التي نشرتها الصحف تنطلق من باب مخاطبة السلطات العامة، وذلك على اعتبار أن سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، يعد واقعيا رئيس السلطات العامة في البلاد، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو دستورياً رئيس السلطة التنفيذية، وتصدر القوانين الصادرة من السلطة التشريعية باسمه وموافقته، وتصدر الأحكام القضائية باسمه، كما أن سمو ولي العهد، حفظه الله ورعاه، عندما يتولى مهام نائب الأمير يمارس ذات الصلاحيات الدستورية في فترة غياب سمو الأمير.

والمسألة الثانية هي أن المحتوى الذي تقدمه الإعلانات التجارية يختلف تماما عن المحتوى الخاص بالمناشدات والرسائل المباشرة التي تتضمن الخطاب إلى سمو الأمير وولي العهد ونائب الأمير، والتي تأتي من باب المطالبة والمناشدة لأمور تتصل بالشؤون العامة أو الخاصة لقضايا تمس الأفراد المناشدين عند ممارسة حقوقهم أو عند تعرضهم لبعض المواقف والأحداث.

لذلك فإن القرار من جانب آخر معيب من الناحية الفنية، إذ حظر نشر المناشدات المباشرة لسمو الأمير وسمو ولي العهد ونائب الأمير، في حين أنه من جانب آخر أجاز عملياً باب المناشدة لرؤساء الدول والمنظمات والهيئات الدولية ولسمو رئيس الوزراء ورئيس وأعضاء مجلس الأمة ومناشدة رؤساء القبائل ووجهائها ورؤساء التجمعات السياسية أو الدينية أو الثقافية الداخلية أو الخارجية أو اللجان الخيرية دون أن يحظر ذلك النوع من المناشدات، بما يعكس أن الغاية من الحظر كانت تستهدف منع المخاطبة لسمو الأمير وسمو ولي العهد ونائب الأمير وليس منع باب المناشدات بشكل عام.

كما أن ذلك الحظر المنصوص عليه بقرار الوزير، وبعد اعتباره بأنه غير منطبق على المناشدات والرسائل العامة لأنها ليست من قبيل الإعلانات التجارية، يخالف أيضاً حكم المادة 32 من الدستور التي تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولما كان الحظر هنا من النشر صادراً بقرار وزاري وليس بقانون فيعد مخالفاً للدستور، وهو ما يتعين النظر في إمكان مراجعة أحكام القانون للنظر في هذا الحظر لاختصاص المجلس به حال وجود مقتضى لإصداره.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك