د.موضي الحمود: نقسو ونحن المحبون

زاوية الكتاب

كتب د. موضي الحمود 390 مشاهدات 0


نقسو عليك يا وطن ونحن المحبون، لأننا نصبو أن تكون الكويت أفضل الأوطان وأجملها، وهي كذلك في قلوبنا، نقسو عليك لأن غيرنا يحلم بالمستقبل ويسارع الخطى إليه، بينما نتمنى نحن العودة إلى الماضي الجميل الذي نتحسر عليه.. نقسو لأن كويتنا كانت أيقونة العرب ودرة الخليج ومبتغى كل مغترب وطالب رزق، واليوم تهجرها الكفاءات ويُؤثر شبابها المؤهل الهجرة والغربة لأنهم محبطون. 

يا كويت.. إن الأوطان قد تفاخر بإرثها.. ولكنها حتماً لا تزهو ولا تتقدم إلا بالإدارة الكفوءة التي ترفع من شأنها بين الأمم وتحدد مسار مستقبلها بخطى واثقة وبناءة. 

لقد كتب الله لنا وطناً جميلاً.. لكن ما جنيناه بأنفسنا وخلال سنوات هو الارتباك في المشهد السياسي، والشد والجذب بين سلطتين قضى الدستور بحتمية تعاونهما.. ولكن ذلك لم يتحقق! فكل منهما تدعّي «وصلاً بدستورنا» قولاً، وتبتعد أفعال وممارسات كل منهما أشواطاً عن روح الدستور ونصوصه، وهم من أقسموا على احترامه! 

ممارسات خلفت تراجعاً في الأداء الحكومي ونتائج محبطة في الكثير من المؤشرات الحيوية للدولة. فاقتصادنا اختل مع تراجع موردنا، ودخلنا الوحيد من النفط، ولولا النزاع الأوروبي لما تعافت ميزانياتنا. وتعليمنا تأخّر وتخلّف، وانحرفت سلوكيات كثير من أبنائنا، ممن يرون الغش حقاً مكتسباً والحصول على الشهادة بأي ثمن أو وسيلة غايتهم المثلى، فأي غرس نرجوه من بعض هؤلاء النشء؟! 

ولا أحتاج للتذكير بتخلف الخدمات الحيوية الأخرى.. أو تأخر تطبيق التقنية في خدمات حكومتنا.. وذلك لانتشار وتوغل البيروقراطية، وتجذّر آفة الفساد بين الكثير من الموظفين، سواء من أهل البلد أو الوافدين، ممن لا يرى إلا مصلحته.. نحزن عندما نرى أن من سرق وارتشى في مأمن من المعاقبة والحساب.. بل تراخت يد القانون عن أن تطالهم، وقد تتعطّل أجهزة المراقبة لتُخلي لهم الطريق آمنين خارج البلاد! 

نقسو عليك يا وطن عندما تُختزل قضايا البلد الكبرى في مطالبات مادية من قبل ممثلي الشعب.. وتتعطل مصالح الناس وتختفي أولويات الإصلاح والتطوير، وتغيب استحقاقات المستقبل من أجندة السلطتين لانشغالهما بالصراع لا بالتعاون والبناء. 

ما أحوجنا اليوم إلى الرجوع إلى دستور الدولة وطوق نجاتها، وإنهاء الصراع بتدخل من بيده الأمر بحل السلطتين، وتمهيد الطريق للاختيار الجديد من قبل الشعب لمجلسهم، ومن قبل الحكم لحكومة جديدة تنهض بالوطن وتنهي عصر التردد والجمود. 

تكررت مشاهد ضعفنا وكثر نقدنا يا كويت.. ولكننا نأمل أن نرى للإصلاح موضعاً بيننا في القريب العاجل.

مبروك المنحة 

نشكر من أنهى الجدل، الذي قلب المنحة إلى محنة شغلت البلاد وفرقت العباد بين مؤيد ومعارض.. وأخيراً اتُخذ القرار بمنحها.. فألف مبروك للمتقاعدين.

لعلنا الآن نلتفت إلى قضايا الوطن الملحة قبل أن تطفو على السطح مطالبات شعبوية جديدة استباقاً لأحداث يتوقعها النواب.. والله الموفق.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك