خالد الطراح: كراهية بلا نهاية!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 382 مشاهدات 0


التفتت معظم دول العالم إلى المجازر الاجتماعية والسياسية، التي تفتك بالمجتمعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، في حين يتزايد بشكل ملحوظ ومقيت خطاب الكراهية في العالمين العربي والإسلامي خاصة، من دون التصدي لهذه الآفة الآخذة في تآكل الشعوب والدول.

ولم يعد الصراع في الوطن العربي صراعاً سياسياً بين تكتلات وأحزاب، بل تحول إلى معركة طاحنة بين طوائف وأديان ومكونات اجتماعية شتى بغاية فرض هيمنة مكونات ضد الأخرى بأساليب العنف وقوة السلاح والتحريض الإلكتروني ضد دول شقيقة وصديقة! 

فالشحن الطائفي والفئوي والديني بين مكونات اجتماعية مختلفة، وفي دول لا تحتمل تلك الصراعات والنزاعات العرقية إطلاقاً، بلا شك يقود في نهاية المطاف إلى تفتيت المجتمعات وتمزيق الوحدة الوطنية ونسيج المجتمع الواحد.

ولدينا عربياً وخليجياً وإسلامياً، الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمات إسلامية لا تعد ولا تحصى، علاوة على اتحادات وتجمعات أكثر مما يمكن الاستيعاب ثقافياً وسياسياً واجتماعياً، لكنها غير فاعلة جميعها في مواجهة ظاهرة خطاب الكراهية والفتنة والتحريض!

وتتحمل الدول العربية والإسلامية والخليجية خاصة المسؤولية في عدم تبني مشروع ناضج ضد الكراهية والشحن والفتنة والتحريض بين مكونات المجتمعات المختلفة، فهذه الدول مسؤولة ليست فقط عن تمويل أهدافها التنظيمات الإسلامية العالمية والإقليمية وعملها، بل عن غرس التسامح في المجتمعات.

وينبغي أن يكون للدول دور في دعم التفاهمات والتعاون في ما بين التنظيمات الرسمية والأهلية، خصوصاً التي تعمل في المجال الديني، فضلاً عن التي تمثل حركات إسلامية شيعية وسنية معتدلة، وكذا الحال بالنسبة للمراجع الدينية ذات المواقف التي تتسم بالحياد والعقلانية.

وهناك دول كبريطانيا وغيرها بادرت في وضع آليات عمل تنظيمية رسمية لعمل مصادر المعلومات في الانترنت كفيسبوك وغوغل وأمازون لمواجهة خطاب الكراهية والمعلومات المظللة، مما حفز الاتحاد الأوروبي مؤخراً على تبني تصور شامل وهادف في هذا الاتجاه أيضاً.

ودولنا العربية والإسلامية والخليجية منشغلة في أمور اجتماعية ودينية غير ملحة، كحظر المواقع الجنسية والمعلوماتية، عن شتى النظريات العلمية المفيدة علمياً، بينما هناك تحديات أكثر إلحاحاً وأهمية من كل ذلك.

إن تفشي فتنة الكراهية في المجتمعات لا تقل خطورة عن النزاعات الأهلية والحروب العسكرية بين شعوب ودول ذات قوميات وأعراق مشتركة وأديان متشابهة ومجتمعات متقاربة في العادات والتقاليد. 

ولدينا في الكويت أمثلة صارخة على تمدد خطر الكراهية والتحريض بين مكونات المجتمع الكويتي ومكونات أخرى ودول شقيقة أيضاً، بسبب تقاعس الجهات الرسمية في رصد ما نشهده في وسائل التواصل الاجتماعي، كتويتر وانستغرام وغيرهما، من شحن وانحرافات عميقة وتحريض سافر، وكراهية ومواقف بغيضة، بعضها كويتي المنشأ، والآخر غير كويتي، تعمل معظمها تحت مظلة الهوية الوطنية والإسلامية والدين والطائفة والجنسية، في حين يغيب الدور الرسمي في مواجهة هذه الظاهر القاتلة بحزم وحسم، لا سيما ملف «البدون» الذي بات مصدراً للتكسب الشخصاني والجماعي من البعض!

أما آن الأوان للدولة أن تستيقظ من السبات العميق؟! في ظل تفشي مظاهر وظواهر اجتماعية ودينية متشددة في الطرح علناً، وكثير منها في الخفاء، فالأوطان لا تقوم على فتن دينية وطائفية، وإنما على تسامح وتفاهم وتعاون بين المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.

والكراهية لم تعد دينية وعرقية، لا بل تحولت إلى كراهية سياسية من بعض الأفراد في دول مجلس التعاون الخليجي ضد النظام الديموقراطي الكويتي، وهو ما يستدعي الأمانة العامة للمجلس إلى اليقظة والتحرك المنظم السريع قبل أن تتعاظم الكراهية السياسية عبر الفضاء الإلكتروني.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك