مبارك الدويلة: الفارس الذي ترجّل عن منبره

زاوية الكتاب

كتب مبارك فهد الدويلة 548 مشاهدات 0


فُجعت الكويت وفُجع معها العالم الإسلامي بأكمله، وفُجعت منابر المساجد ومنصات الخطابة، بوفاة المغفور له بإذن الله الشيخ الداعية المجاهد أحمد القطان.

عرفته مساجد الجهراء، فمنابر منطقة الصليبخات، ثم مسجد العلبان في كيفان، وفيه خطب خطبته الشهيرة عن مذبحة حماة عام 1982، التي كشف من خلالها للعالم أجمع بشاعة الجرم الذي مارسته قوات الأسد في تلك المجزرة المروعة.

ومع بداية الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 حوّل الشيخ الفقيد منبر الجمعة لدعم الانتفاضة، وحث الناس على تأييدها ومساندتها، وأُطلق على منبره منبر الأقصى، وكانت كلماته تهز مشاعر كل من يسمعها، حتى أصبحت خطبه زاداً لأطفال الحجارة ووقوداً لمجاهدي الانتفاضة.

وعندما انتهك طاغية العراق حرمة جاره، وغزاه في داره، واستطاع المجرم أن يسخر أجهزة الإعلام لتبرير جريمته النكراء، وتمكن من تضليل البسطاء من العرب والمسلمين، احتزم الشيخ رحمه الله وشد مئزره وانطلق في بقاع الأرض الواسعة ينكر هذا المنكر ويعرّي طاغية العراق للناس، ويكشفه على حقيقته، ويطالب العرب والمسلمين بمساندة الكويت في تحرير أرضها وطرد الغزاة عنها.

كان محبوباً عند عامة الناس، لبساطته وعفويته، وكان مرحاً في حديثه، يحب المزاح والفكاهة من دون الإخلال بسمته ووقاره.

لم يجالس الحكام ولا الملوك والشيوخ والأمراء، ولم يعهد عليه أنه جاملهم ، بل كان يصدع بالحق أينما حل وصار!

تميّز عن غيره من المشايخ الفضلاء بأنه أينما تواجد فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أو يدعو إلى مكارم الأخلاق وحسن العمل، ولا يفوّت فرصة إلا ويتحدث فيها موجهاً ومعلماً وداعياً وناصحاً!

في سنيّه الأخيرة ومن شدة حماسته، كلما خطب أصيب بالإرهاق والتعب، وتعب معه قلبه، وأجرى عدة عمليات جراحية، وحتى آخر يوم في حياته كان واعظاً وناصحاً.

سنفتقده في الكويت، وستفتقده أرض الإسراء، وسيفتقد خطبه الفلسطينيون، فقد كانت قضية فلسطين تعيش في وجدانه ومسيطرة على مشاعره، وكان يتمنى أن يأتي اليوم الذي يصلي فيه داخل المسجد الأقصى.

غفر الله لك يا شيخ أبا عبدالله، وجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وأشهد الله أنني لم أعرف عنك إلا كل خير، فقد كنت قدوة في جميع مراحل حياتك، وأسأل الله عز وجل أن يجزيك خير ما يجازي عباده الصالحين.

المصدر: القبس

تعليقات

اكتب تعليقك