رضا الفيلي وحديث الذكريات مع ميكروفون الإذاعة والتليفزيون يكتب عن «الزيجات الإعلامية» في الستينيات بدأت بالريس والسنعوسي وتوقفت عنده!

زاوية الكتاب

كتب 2366 مشاهدات 0




«الزيجات الإعلامية» في الستينيات بدأت بالريس والسنعوسي وتوقفت عندي!
رضا الفيلي 

 
صاحب السمو احتضنني ودعمني وكان شاهداً في زواجي

 
استراحة «آخر الأسبوع» بمثابة مساحة يلجأ صاحبها للراحة من عناء روتين الاسبوع، لينتقل الى الجبهة الخالية من القلق.
يتناول أصحابها.. كل ما لذ وطاب من الحكايات، وهي محاولة لانعاش الذاكرة والتوقف عند مواقف جميلة اختزلتها الذاكرة وجعلت منها «أجندة جميلة» تستحق الذكر وتستحق أن يطلع عليها الجميع.
استراحة «آخر الاسبوع» هي الحد الفاصل بين جدية الحياة والركون الى عالم أكثر هدوءا واسترخاء وأكثر حميمية مع النفس.
الحكايات فيها تتغير.. لكنها دائما ما تأتي لها «فعالية» جميلة تستحق المتابعة.

 

 

الذكريات صدى السنين الحاكي.. السنوات الأخيرة من الخمسينيات ثم العقود التي تعاقبت لستينيات القرن العشرين.. احتوت محطات زاهية من الزمن الكويتي الجميل.. ولحسن حظي، اني عشت ردحاً من ذلك الزمن الأصيل والمكتنز بالشفافية والمحبة والتواصل من أجل الخير والعطاء، والحديث ان كان يسير في تجاه الماضي لعله سيأخذ صفحات لا استراحة خفيفة للقارئ، انما احاول التوقف عند ومضات من حياتي التي أكن لها الحب، فهي أجمل السنين وأكثرها متعة في أجواء بلغت مرحلة الحب الصافي الذي لا لبس فيه ولا مصلحة انما حب الوطن الذي هو أسمى من اي حب زائل.

 

البدايات.. في إذاعة المعسكر الكشفي


سأختصر في استدعاء بعض الذكريات.. فشغفي وانجذابي كان شديداً نحو الاعلام ولم أزل آنذاك في شرخ الشباب.. وفي معسكر الكشافة (الجمهوري) على مستوى الكويت والذي يقام كل عطلة ربيعية على ساحل الفنيطيس.. أخذت فرصتي مذيعاً وصحافياً في اذاعة المعكسر والصحيفة اليومية.. وأذكر الأستاذ ابراهيم الشطي مشرفاً علينا.. سبق هذه التجربة انني أعطيت مهمة ادارة الاذاعة الطلابية في مدرسة الصديق منذ عام 1955.

 

العمل في الإذاعة


وفي عام 1959 تم قبولي مذيعاً في اذاعة الكويت وكانت في بداياتها.. ولم تتعد بث الأغاني على اسطوانات (الحجر) وتقديم فقرات الربط والأحاديث على الهواء مباشرة في الفترة المسائية.
وخلال عامي 1960 1961 تم انتقال مقر الاذاعة من قصر نايف (غرفة واحدة فقط) الى مبنى (الورشة العسكرية) حالياً الجانب المواجه لقصر نايف من مبنى مجمع وزارة الاعلام.. وشهدت الاذاعة بالفعل خلال تلك الفترة تطوراً مهنياً وتوسعاً ملحوظاً في البث ونوعية البرامج واذاعة الأخبار والتعليقات.. وكان الرعيل الأول في تلك الفترة حمد المؤمن وعبدالرزاق السيد ثم فاطمة حسين ونورية السداني وحمد السعيدان وعبدالله خلف وآخرون.

تلفزيون الكويت صاحب الخليجية

 

يعتبر البث المرئي لتلفزيون الكويت هو الأول والسباق في المنطقة.. واستدعيت من الاذاعة من قبل الأخ سعدون محمد الجاسم الذي كان آنذاك مراقباً لشؤون الصحافة في وزارة الارشاد والانباء بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد والذي كان أول رئيس لدائرة المطبوعات والنشر عام 1954 ثم أول وزير للارشاد والانباء في أول وزارة بعد الاستقلال عام 1961، وبتوجيهات الشيخ صباح الأحمد بدأ البث التجريبي فكنا وتحت اشراف وتدريب الفنان زكي طليمات أول مذيعين على شاشة التلفزيون الوليد رضا الفيلي وأمل جعفر التي أصبحت زوجتي لاحقاً ورفيقة دربي والكيان الذي أستند عليه كلما اقتضت الضرورة وما أكثر الضرورات لدينا نحن الرجال والسيدة سهيلة الحاج ابراهيم.. محطة التلفزيون تم شراؤها من مراد بهبهاني واخوانه لتتبع الدولة ولم يكن فيها سوى مجموعة أفلام كرتونية قصيرة وكاميرتان في حجرة صغيرة وأجهزة تشغيل أفلام 16 ملم ولم تكن آنذاك أجهزة تسجيل وبث لأشرطة الفيديو التي حلت علينا بعد حوالي العشرة شهور.. كان بث برامجنا على الهواء مباشرة من تقديم أفلام سينمائية مصرية أقوم بتأجيرها يومياً من الأخوين مخازن مال الله وخالد الشريعان اللذين كانا يؤجران الأفلام ومكائن السينما للمواطنين في تلك الفترة.. وتطورت الأمور واتسعت الخدمات والامكانات لاحقاً فتم تعيين المرحوم خالد المسعود الفهيد أول مدير للتلفزيون والذي استدعى بدوره الأخ محمد السنعوسي من القاهرة ليلتحق بنا وكان يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة آنذاك.

كنا نستعين بكاميرات السينما 16 ملم التي كانت متوافرة لدى دائرة المعارف (ثم وزارة المعارف) وشركة نفط الكويت لتسجيل بعض المقابلات مع الشخصيات المهمة والتي يصعب عليها التواجد لاجراء اللقاءات على الهواء. وأذكر من تلك المقابلات التي لاتزال مختزلة في الذاكرة وكأني استحضرها اليوم، هي مقابلتي مع وزير الارشاد والانباء آنذاك سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر في مكتبه، بالاضافة الى شخصيات كثيرة كنت استضيفها بشكل يومي، ثم التوقف عند عدد من نجوم تلك الفترة، فقد أجريت لقاء مطولا كان بمثابة السهرة مع رواد الفنون الشعبية عودة المهنا وعواد سالم والفنان خالد الزايد، لا مجال للاطالة وسأعود في فرصة لاحقة لاستعراض تفصيلي لتطور تلفزيون الكويت في سنواته الأولى.

القلوب تميل والأرواح ترتبط

 

وخلال انتقالي من الاذاعة الكويتية والتفرغ للعمل في التلفزيون مستمراً بقراءة الأخبار وتقديم البرامج الاذاعية وفي ذلك الجو الأسري والمهني والاختلاط والتوافق مع الزملاء والزميلات في فترات العمل الطويلة.. اذ اننا كنا نقضي معظم أوقاتنا في ردهات التلفزيون وتحضير وتقديم وتسجيل البرامج..في تلك المرحلة الشفافة والجميلة من العمر.. حدثت أكثر من علاقة عائلية وزواج يتم بالتوفيق تطبيقاً للمفهوم القرآني في ان النساء سكن لنا وغطاء أمن وأمان وعلاقة مودة ورحمة ومن أبرز تلك العلاقات الأسرية الحميمة زواج المذيعة هدى المهتدي من المهندس أسامة الريس ومحمد شعلان من المذيعة ليلى شقير ومحمد السنعوسي من المذيعة باسمة سليمان وزواجي من المذيعة التي ملأت قلبي حبا أمل وفيق جعفر ولا مجال لسرد القائمة التي تطول.. وكانت ارتباطات مباركة وناجحة ومستقرة والحمد لله أثمرت ذرية صالحة.

ولابد ان أسجل بكل امتنان وتقدير لسيدي الوالد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد - حفظه الله ورعاه - سعيه الكريم لي ودعمه وحنانه وكرمه الأبوي لي شخصياً ولزوجتي في تحقيق زواج مبارك بل كان شاهدا، وكان كل شيء بالنسبة لي في السابق والان وما دمت حيا، وهو الأمر الذي أغرسه في ذريتي.. ولن استطيع ان أعبر أكثر وأكتب عن شخصية كويتية عربية اسلامية انسانية فريدة بل شخصية قيادية مخلصة لا تكل ولا تمل من العمل المتواصل والتفكير الخلاق والعطاء والانجاز، ولو توقفت طويلا عند صاحب السمو، فلن اوفيه حقه، ولن تكون الكلمات الا عاجزة عن التعبير في تصوير «طيبة وخلق وانسانية صاحب السمو».. وأدعو الله ان يأخذ بيدي لأدون وأوثق وأكتب متابعات لمواطن كويتي عاش تلك الحقبة منذ ان كان صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد عضواً في اللجنة التنفيذية العليا (كيان كان بمثابة مجلس وزراء تنفيذي آنذاك) حتى قطع - أيده الله - دورات ومسافات طويلة وشاقة في الزمان والمكان لتجمع عليه أسرة الصباح الكريمة والشعب الكويتي الوفي بالمبايعة المطلقة ان يكون أميرهم وقائدهم - حفظه الله ورعاه -.

الدراسة في جامعة جنوب كاليفورنيا


الحديث حول مسيرة أربعين عاماً من رحلة العمل الاعلامي يطول ويتبع.. وكل ما ذكرناه عناوين ومختصرات لابد من العودة لها لمزيد من الاضاءة والتفصيل.

آخر محطة أتناولها هي البعثة التي كرمت بها انا وزوجتي من قبل وزارة الاعلام التي كان على رأسها في عام 1969 المرحوم الشيخ جابر العلي تغمده الله بواسع رحمته والذي استلم الشعلة وقيادة المسيرة من أخيه سمو الشيخ صباح الأحمد مؤسس الاعلام الكويتي وبانيه بحق وحقيق منذ عام 1954 صدور ( جريدة الكويت اليوم ) وحتى السبعينيات من انجازات تاريخية باهرة وسميت الفترة التي قاد خلالها الاعلام بالفترة الذهبية فركز رحمه الله اهتمامه على التأهيل والتدريب وتأمين البعثات في دورات تدريبية في مصر وبريطانيا وأميركا مما كان له الأثر الملموس في نجاح الاعلام الكويتي وريادته وابداعاته في المنطقة.

وقضيت وزوجتي أمل جعفر حوالي السنوات الخمس ننهل من العلم ونكتسب التجربة والمهنية في جامعة جنوب كاليفورنيا وكلية كولومبيا في هوليوود التي كانت مهنية ومتخصصة في الاذاعة والتلفزيون والسينما.
 
 

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك