مساعي بعض الشيوخ لتكوين «الأنصار» فتح الباب على مصراعيه لبعض«الأقزام» لتكوين ثروة من دروب الفساد ..مقطع من مقالة محمد عبدالقادر الجاسم
زاوية الكتابكتب أغسطس 13, 2009, منتصف الليل 2327 مشاهدات 0
أمراء المال!
كتب محمد عبدالقادر الجاسم
استمتع هذه الأيام بقراءة كتاب زودني به الأخ الصديق أحمد الديين وهو بعنوان «أمراء الحرب وتجار الهيكل.. رجال السلطة والمال في لبنان» من تأليف الدكتور كمال ديب. ويتناول الكتاب«تاريخ السلطة والمال في لبنان من بداية القرن العشرين حتى العقد الأول من القرن الحالي من الموقعين السياسي والاقتصادي».
وعلى الرغم من الاختلاف الكبير في التفاصيل بين لبنان والكويت، إلا أن القاسم المشترك بينهما هو وجود مؤسسة غير رسمية تجمع «أمراء المال والفساد» لها نفوذ عظيم على القرار السياسي. وإذا كان الدكتور كمال ديب يقول أن الأحداث في لبنان رسمها أشخاص أكثر مما هي نتاج الأمر الواقع، فإن هذه الحقيقة تبدو أكثر وضوحا في الكويت. ففي الكويت يقوم الأشخاص بفرض الحدث سواء نتيجة سوء إدارتهم أو فسادهم أو جهلهم، فعلى صعيد الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد منذ العام 2006 تحديدا نجد أنها تتمحور حول ضعف رئيس مجلس الوزراء وعدم قدرته على قيادة الحكومة، بل عدم قدرته على صعود منصة الاستجواب والدفاع عن نفسه، بمعنى أن الظرف «الشخصي» لرئيس مجلس الوزراء هو الذي يفرز الأزمات «السياسية».
وعلى صعيد آخر، حاولت حصر القرارات المهمة والأحداث السياسية التي أثرت على الاقتصاد الكويتي والأزمات الاقتصادية وكذلك حصر«المناسبات» التي أتاحت الفرصة لتكوين الثروة، فوجدت أن سجل الكويت حافل ابتداء من الحروب التي خاضها حكام الكويت حتى عهد الشيخ سالم بن مبارك وتداعياتها، واكتشاف النفط وتصديره، والتثمين، وقانون أملاك الدولة قبيل الاستقلال، وقانون الوكالات التجارية، وأزمة البورصة عام 1976، وأزمة المناخ، والحرب العراقية الإيرانية، واختلاسات الاستثمارات الكويتية في الخارج، والغزو العراقي للكويت، ومشروعات إعادة الإعمار، وأزمة المديونيات الصعبة، وعقود التوريد مع الجيش الأميركي قبل وبعد الحرب الأميركية على العراق، وأخيرا الأزمة الاقتصادية الحالية وقانون الاستقرار المالي. لقد أثرت الأحداث والمناسبات السابقة وغيرها في الاقتصاد الكويتي وأتاحت فرصا عديدة لتكوين الثروة للبعض كما تسببت في انحسار الثروة للبعض الاخر.
وإذا كانت سياسات المغفور له الشيخ عبدالله السالم في توزيع الثروة أتاحت الفرصة لتحسين المستوى المعيشي لأغلب الكويتيين، فإن السياسات اللاحقة تسببت في تعزيز النمط الاستهلاكي للمواطنين وإغراقهم في الديون الشخصية في الوقت الذي تعززت فيه قبضة «أمراء المال والفساد» على القرار السياسي والاقتصادي ما أدى إلى بروز وتفشي الفساد كما نراه اليوم.
يبقى هناك عامل مهم لا يمكن إغفاله من بين «مناسبات» تكوين الثروات في الكويت، وهو عامل سياسي يتصل بخلافات الشيوخ، حيث أن مساعي بعض الشيوخ لتكوين «الأنصار» فتح الباب على مصراعيه لبعض«الأقزام» لتكوين ثروة من دروب الفساد وذلك من خلال رعاية بعض الشيوخ لهم مقابل «الخدمات» السياسية أو الإعلامية التي يقدمها«الأقزام».. تماما كما يحدث هذه الأيام!
تعليقات