أحمد الصراف: غوبلز وجيروساليما
زاوية الكتابكتب أحمد الصراف إبريل 30, 2022, 8:26 م 525 مشاهدات 0
كان غوبلز، وزير الدعاية الألماني، يكرر مقولة «اكذب، اكذب، فسيصدقك الناس»! وهذا صحيح، ولكن لبعض الناس، ولبعض لوقت، فالحقيقة ستظهر، وستكون ردة الفعل قوية وقاسية!
ولكن تبقى مقولة غوبلز صالحة أكثر في المجتمعات الجاهلة، كمجتمعاتنا، والتي لا يود أفرادها أن يُتعبوا أنفسهم، ولو قليلاً، في البحث أو حتى في التفكير!
***
قامت «صوت السمارة Smara voice بإعادة إنتاج وتوزيع أغنية جيروساليما Jerusalema التي انتشرت في العالم منذ سنتين، على أساس أنها «أغنية للقدس»، وأنها الأولى التي يتم أداؤها بلغة الزولو لنصرة القضية، وأن صداها ملأ العالم، وتجاوز عدد مشاهديها على اليوتيوب الـ150 مليوناً، وأنها قطعة موسيقية رائعة من جنوب أفريقيا تكمل دعم القارة للقضية الفلسطينية. وهي من ألحان الجنوب أفريقي ماستر دي جي، وتكفلت بكتابتها وغنائها مواطنته نمسيبو زيكودي. وكيف أن الأغنية، وعند تحميلها على اليوتيوب، اكتسبت زخماً، وبدأ شبان أفارقة يؤدون عليها رقصات متنوعة نابعة من الثقافة الجنوب أفريقية، واجتاحت تالياً شبكات التواصل الاجتماعي في زمن قياسي، وتحولت إلى تحدٍّ عالمي للإسرائيليين، بعد أن أصبح الجميع يؤديها في الأماكن العامة، ويؤديها فلسطينيو القدس (لماذا القدس فقط؟) في أزقة المدينة العتيقة، وجعلوا منها أداة لتحدي قوات الاحتلال!
***
كل الكلام أعلاه كذب، ولا يمت للحقيقة بصلة، غير اسم الأغنية واسم مطربتها! ومن أنتج شريط الأغنية متضمناً علم فلسطين وصورة عسكري وأطفال فلسطينيين يتراقصون على أنغامها، يعلم جيداً كذبه، فالأغنية المكونة تقريباً من سطرين متكررين لا علاقة لكلماتها بالقضية، وموسيقاها أساساً ذات روح كنسية جنوب أفريقية، ويسمع ما يماثلها في الأعراس، ونصها: «جيروساليما» هو بيتي.. احمني أرجوك.. أرجوك رافقتي وسر معي، أرجوك احمني ولا تتركني وحيدا.. جيروساليما هو بيتي!
والمخاطبة هنا غالباً للسيد المسيح.
***
قد تكون نوايا من تلاعب في ترجمة كلمات الأغنية، وشوه محتويات الشريط الغنائي، وتلاعب به، طيبة، ولكنه لم يوفق في «كذبته»! فمن صدقوها هم غالباً مع القضية، ومتعاطفون معها أصلاً، ولا حاجة للكذب عليهم. أما من صدق الفيديو من المتعاطفين مع القضية فإنه سيكتشف، عاجلاً أم آجلاً، الكذبة السخيفة، وستكون ردة فعله ضارة بالقضية غالباً!
والأمر الأساسي والأهم يتعلق بعدم حاجتنا إلى الكذب والتزوير، لكي نكسب الآخرين إلى جانبنا، إن كنا بالفعل نؤمن بعدالة قضيتنا، واننا على حق؟ فالتزوير عادة يكون حيلة المحتال، وليس صاحب الحق!
***
كما نجد تزويراً وتشويهاً رهيباً على شبكة الإنترنت، غوغل وشقيقاتها، في ما يتعلق بمواقف وأقوال كتاب وعلماء وسياسيين وقادة عظام عن رموزنا الدينية وعن الدين الإسلامي بشكل عام، وعندما تبحث في صحتها تجد أنها نسبت لهم، ولكنها لا تمت للحقيقة بصلة. ولا أدري ما الحاجة إلى تلفيق مثل هذه الأقوال ونسبتها للغير، فهل نحن بهذا الضعف العقائدي والهوان السياسي، لنحتاج لكلمة تشجيع من «شارلي شابلن» مثلا أو غيره؟
تعليقات