مشعل السعيد: ويأتيك بالأخبار من لم تزود

زاوية الكتاب

مشعل السعيد 549 مشاهدات 0


خلق الإنسان بطبعه عجولا، فتجده يريد أن يستبق الأحداث، ويود معرفة الأخبار قبل أوانها، وكأنها غنيمة، فيبذل جهدا مضاعفا من اجل ذلك، ونحن بنو البشر نستعجل دائما في معرفة ما خفي علينا وما لا نعلمه من أخبار، وليس مهما عندنا أكانت هذه الأخبار تهمنا أولا تهمنا، المهم نعرف ذلك مع العلم أننا سنعرف هذه الأخبار وكل الأخبار عاجلا أو آجلا ثم تصبح أخبارا ليست بذات قيمة عندنا، ومما لا شك فيه أن تعاقب الليالي والأيام ومرور الوقت ستكشف لنا ما خفي عنا، يقول الشاعر طرفة بن العبد على هذا السياق:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم تزود

وربما أتاك بالأخبار التي تسأل عنها من لم تسأله، لذلك قال بعد ذلك:

ويأتيك بالأخبار من لم تبع له

بتاتا ولم تضرب له وقت موعد

فالأخبار ستنقل لك ممن لم تشتر له متاعا، ولم تجعل له جعلا لإخبارك، ولم تبين له وقتا لنقل الأخبار إليك، فما بالنا نسأل عن كل شيء، ونبحث في كل شيء ونود لو عرفنا كل الأخبار؟! حتى وصل الأمر بنا إلى التلهف! فنعيش في قلق وتوتر، والخوف مما هو آت، وأين نحن من قول المولى عز وجل: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ـ التوبة: 51). ولم الخوف من المجهول وما قدر الله كائن؟ فكل خير وشر مقدر ومكتوب علينا في اللوح المحفوظ، وهبنا علمنا بما خفي علينا هل سيتغير شيء مما كتبه الله لنا، وهل نستطيع دفع ذلك؟ لقد وصل بنا الحال في التلهف على معرفة مزيد من الأخبار إلى استهلاك الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي، حتى صرنا نعاني من القلق والخوف والتردد وبلا سبب يدعو إلى ذلك، إن الإيمان بقضاء الله وقدره يبعث في النفوس السكينة والراحة والاطمئنان:

ما لا يكون فلا يكون بحيلة

أبدا وما هو كائن سيكون

يسعى اللبيب فلا ينال بسعيه

وينال حظا عاجز ومهين

ومثلما قالوا في الأمثال يا خبر اليوم بفلوس باكر يصير ببلاش ودمتم سالمين.

تعليقات

اكتب تعليقك