داهم القحطاني: احذروا العبث بقانون الانتخاب

يتردد أن هناك أطرافا نيابية تسعى إلى تعديل قانون الدوائر الانتخابية ليعود مرة أخرى لنظام الدوائر العشر، ووفق تقسيمات مناطقية تزيد من فرص نواب حاليين، أو مجاميع قبلية أو مذهبية أو عائلية أو سياسية بأي انتخابات مقبلة.

ويتردد أن تعديل قانون الانتخابات سيتم إما عبر مجلس الأمة استغلالا لأغلبية الحكومة، والكتلة النيابية التابعة لها، وإما عبر إصدار مرسوم ضرورة.

هذه التسريبات التي ينظر لها أغلبية الكويتيين بريبة، تمثل التفكير النمطي القديم الذي ينظر لنظام الانتخابات كوسيلة لتوزيع النفوذ، والقوة، وبالتالي الثروة.

وهو نمط من التفكير يعتبر أحد أسباب ما تتعرض له الكويت من أزمات سياسية، واجتماعية، واقتصادية، لأنه يقوم على فكرة «نحن» و«هم»، ولا يؤمن بأن الكل ينتمي إلى وطن واحد.

وفي مقابل نمط التفكير هذا، تقف أغلبية الشعب الكويتي التي تدعو إلى وجود نظام سياسي يرتكز على نظام برلماني حقيقي تفرزه انتخابات نزيهة وعادلة، لا يمكن أن تتم بغير قانون انتخاب يقوم على فكرة القوائم النسبية، وعلى توزيعة دوائر انتخابية قليلة كدائرتين أو خمس دوائر، وعلى عدد ناخبين كبير في الدائرة الواحدة بحيث يختفي الطرح الانتخابي الفردي الذي يقوم على تقديم الخدمات الانتخابية لمجموعة قليلة من الناس قادرة على ضمان الفوز، ويحل محله الطرح الانتخابي العام الذي يخاطب الناخبين عبر الخطط والبرامج، والوعود التي تستهدف مصلحة المجموع وليس أفراد شريحة معينة. 

الكويت وشعبها، وكل الطبقة السياسية، عانت كثيرا بسبب إصدار قانون الصوت الواحد عام 2012، فالتظاهرات الرافضة عمت البلاد، والانقسام السياسي والاجتماعي مزق الكويت، والوحدة الوطنية تعرضت لزلزال، وما زالت البلاد تدفع فواتير تلك المرحلة، وتحاول ترميم ما حصل من انهيار خلالها، خصوصاً في ما يتعلق بثقة الشعب في المنظومة السياسية.

العبث مجددا بالنظام الانتخابي سيعيد تلك الحقبة مرة أخرى، ولن يقبل الوطنيون المخلصون من الشابات والشباب أن تتم سرقة أصواتهم وخياراتهم مسبقاً عبر تشريع نظام انتخابي عبثي يفصّل لفئات وأفراد محددين.

قد ينجح البعض في تمرير هذا التشريع بأي طريقة لكنه لن يربح كثيراً، فالكويت التي للتو هدأت الأحوال السياسية فيها نسبياً من عشرية «الصوت الواحد» التي أرهقت الجميع، ستعود للأسف لعشرية أكثر سوءاً وتطرفاً.