خالد الطراح: ماذا نريد من حكومة الكويت؟

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 424 مشاهدات 0


يعود عنوان المقال إلى كتاب لشخصية كويتية بارزة، وهي يعقوب يوسف الحمد (1924 ــ 2020)، حيث عالج الكتاب التاريخي في عام 1952 مشكلات، بل تحديات تعليمية وتربوية واقتصادية عميقة من قبل طالب كويتي خريج جامعة فؤاد الأول بالقاهرة.

الكتاب الذي صدر حديثاً بعنوان «يعقوب يوسف الحمد.. سيرته وكتابه ماذا نريد من حكومة الكويت؟»، من إعداد الأخ الفاضل حمد عبدالمحسن الحمد، متضمناً سرداً وثائقياً ثرياً عن رحلة تعليمية ورؤية وطنية لشخصية اختارت تقديم مرئياتها بعيداً عن البهرجة الإعلامية وسطوة الظهور.

الراحل يعقوب يوسف الحمد من مواليد حي القبلة في الكويت عام 1924، ودرس المرحلة الثانوية في مدارس البصرة بالعراق حتى تخرجه في جامعة فؤاد الأول في القاهرة حاملاً شهادة البكالوريوس في التجارة.

فاز يعقوب الحمد في انتخابات مجلس المعارف الجديد، وأصبح عضواً في عام 1954، وجرى اختياره عضواً في مجلس التخطيط عند إنشائه عام 1962 كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء، وهو أيضاً أحد مؤسسي شركة السينما الكويتية، وعضو مجلس الإدارة في عام 1955. وأصبح عضواً في اللجنة الاستشارية لشؤون الاستثمار عام 1965، والتي تأسست إبان تولي الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح وزارة المالية.

ساهم الراحل يعقوب الحمد، مع لجنة مكونة من عبدالعزيز حسين وبدر خالد البدر ويوسف الغانم وعبدالعزيز الصرعاوي وخليفة الغنيم، في وضع تصور لبدء تأسيس جامعة الكويت، التي جرى افتتاحها في عام 1966، وهو أيضاً من مؤسسي نادي الخريجين الذي تحول في ما بعد إلى جمعية الخريجين.

بالرغم من عمق الرؤية، التي تضمنها كتاب «ماذا نريد من حكومة الكويت؟»، فإن الراحل يعقوب الحمد اعتبر كتابه اجتهاداً، حيث ورد في وثيقته «لست مقتنعاً من بحثي هذا، ولست راضياً عنه كل الرضا لنقص الأرقام والإحصائيات الحيوية التي تدعمه وتعطي الفكرة الحقيقة الواضحة لكل بند أو فقرة أو فكرة.. ولكن ما العمل؟ وهذا ليس في المستطاع في الوقت الحاضر، لعدم وجود إحصائيات رسمية متعددة لكافة نواحي الحياة والنشاط في البلاد».

عالج الراحل يعقوب الحمد بالقدر الممكن تحديات في وقت دقيق من تاريخ الكويت على المستويين التعليمي والاقتصادي، علاوة على أهمية الاهتمام بتعليم المرأة في فترة الأربعينيات والخمسينيات، مما يؤكد وثائق كويتية أخرى على دور المرأة في تطور المجتمع والدولة ككل.

تناول كتاب «ماذا نريد من حكومة الكويت؟»، من خلال جوانب متنوعة ذات صلة بالتنمية المبكرة والتطوير، ميزان مدفوعات الكويت والغوص ومركز الكويت الجغرافي وصناعة السفن الشراعية، والعديد من الأمور الحيوية ذات الأهمية القصوى في إحداث تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية. 

لم تغب عن رؤية الراحل يعقوب يوسف الحمد الإدارة المالية في الكويت، حيث تناول «المشكلة القائمة في الكويت الآن هي مشكلة دخل البترول»، فقد تنبأ بتحديات آنية ومستقبلية «في حال ما بقيت الأحوال السياسية والاقتصادية على حالتها الحاضرة، وانني لأشك في ذلك!».

لا شك أن العديد من الأحوال والتطورات حلت على الكويت وازدهارها اقتصادياً وتنموياً، ولكن بتصوري أن «الحكومة الممتدة»، أي الحكومات المتعاقبة، لم تطور أعمالها وخطابها وخططها نحو مستقبل آمن وواعد.

لعل ما يؤكد تلك الرؤية المبكرة لتحديات تنموية لم تزل ماثلة أمامنا اليوم، حيث ما زالت الدولة تراوح مكانها في معالجة تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على دخل النفط الناضب وهو ليس احتمالاً، بل واقعاً ملموساً في ظل التطورات الاقتصادية والسياسية الراهنة.

إن وثيقة كتاب يعقوب يوسف الحمد «ماذا نريد من حكومة الكويت؟» ينبغي أن تضم إلى المناهج الدراسية، وأن يتم تبنيها من قبل الحكومة وترجمتها عملياً من خلال تحديد مصادر الخلل السياسي والاقتصادي من أجل رؤية واقعية وإصلاح شامل.

تعليقات

اكتب تعليقك