عبدالعزيز الكندري: الراتب ما يكفي... والإصلاح مطلبٌ!

زاوية الكتاب

كتب 293 مشاهدات 0


العديد من الناس يشتكي بأن الراتب غير كافٍ لأسباب عدة، ولعلّ أهمها في هذه الأيام هو التضخم الهائل وغير المسبوق الحاصل في السلع والخدمات، ودون أن تواكبها زيادة مماثلة في الرواتب، أو سلم الرواتب في كثير من الجهات غير منطقي للوظيفة ذاتها في العديد من الجهات الحكومية.

المصاريف كثيرة على رب الأسرة في هذا الوقت، ونحن في شهر الخير، والناس تستعد للعيد وكلها تأكل الراتب، خاصة ونحن في بيئات لم تتعود على تقسيم الراتب لـ(المصاريف الأساسية، والكماليات، والادخار ثم الاستثمار)، لذلك تجد الكثير يشتكي ويعاني من ذلك.

يجب تعديل هذه المعايير غير المنصفة، ووضع معايير جديدة توحد سلم الرواتب للوظيفة نفسها في مختلف الجهات الحكومية، ويكون التفاوت على حسب الجهد الذي يقدم، ومن يعمل ويقدم أكثر تكون له المفاضلة والأولوية في زيادة راتبه وأخذه للمكافآت.

وللعلم قد يكون موظف الحكومة التي لا يوجد فيها كوادر تخرّج في أفضل جامعات العالم، ولكنه لا يملك واسطة قادرة على قبوله في الجهات التي بها كوادر ومميزات مالية أكثر، بينما صديقه الذي تخرّج في «دكاكين التعليم» بنصف تعليم ولكن لديه «واسطة»، استطاعت أن تشفع له لهذه الوظيفة فقُبل فيها، ويجب إصلاح هذه الموازين المقلوبة، وهناك الكثير من قطاعات الدولة يحتاج إلى إصلاح شامل وأولها التعليم.

وتخيل الآثار الاجتماعية على صاحب الوظيفة الحكومية أو في المؤسسة المستقلة التي فيها كوادر يستطيع توفير أمور كثيرة له ولأسرته من الرفاهية لا يستطيعها صديقه الآخر، قادر على السفر كل عام، وشراء بعض الكماليات التي تريدها الأسرة، بينما الآخر يعيش تحت ظروف نفسية قاسية نتيجة عدم قدرته على الوفاء بهذه الالتزامات للأسرة، والفرق هو مجرد طرق غير سوية للوصول إلى هذه الأماكن!

وكل شيء ممكن، ودول الجوار سبقتنا كثيراً في مختلف المجالات، بل هناك دول أعادت تصحيح مسارها الإداري في سنين قليلة وكانت تفتقد للموارد، ولكن بالإدارة الحصيفة استطاعت التقدم والنمو مثل «سنغافورة» وهي جزيرة بلا موارد طبيعية وأصغر من جزيرة بوبيان الكويتية، وتعتبر البلد الأصغر في جنوب شرقي آسيا، وحصلت على الاستقلال سنة 1965، وتسلّم زمام الأمور بعد هذا التاريخ لي كوان يو، ليجد المشاكل التي لا تعد ولا تحصى كالبطالة والفساد الإداري وأزمة السكن...، إضافة إلى شعب خليط من مختلف الأعراق والأجناس من الصين والهند، واليوم تعتبر سنغافورة خامس أغنى دولة في العالم من حيث احتياطي العملة الصعبة، وأكثر البلدان استقراراً سياسياً في آسيا وفق تقرير التنافسية العالمي...، كل ذلك بسبب حُسن الإدارة.

ويقول جاسم السعدون: «إنها الإدارة، لا الموارد، من يصنع المستقبل، فالإيرادات العامة في الكويت، لا في غيرها، لم تتعدَّ معدل المئة مليون دينار، ما بين بداية الخمسينات وأواسط الستينات، ولكنها إدارة تمكنت أن تصبح المثل والقدوة. في ذلك الزمن تعملق العقل وصنع دولة لا مثيل لها في محيطها، من إنجازاته تأسيس أول صندوق سيادي في العالم، وفيها شُيدت مدرسة ثانوية الشويخ بمستوى أفضل الجامعات، ومجمع الصباح الصحي ليغطي خمسين سنة مقبلة، وفيها صمم أول وأفضل مخطط هيكلي. وفي عام 1957 مورست عملية متقدمة لإحصاء السكان، مع تنويه في صدر (الكويت اليوم) سابق لزمنه يحث كل من له انتقاد على التواصل مع رقم تلفون أرضي مدون».

تعليقات

اكتب تعليقك