خالد الطراح: السرقة الوجدانية!
زاوية الكتابكتب خالد الطراح مارس 30, 2022, 11:57 م 404 مشاهدات 0
ثمة ربط بين التحديات السياسية التي تشهدها الكويت وبين حالة الصراع النفسي الذي ينتاب البعض، وأنا أحدهم، لذلك أحرص شديد الحرص على منح ذهني الاستراحة السنوية لشهور عديدة خارج البلاد، بهدف التفكر بعيداً عن الأجواء المسمومة اجتماعياً وسياسياً.
أنا من فريق التفاؤل وليس الإفراط فيه في كل الأزمنة.. أهوى التصدي لليأس من خلال الإجازة الذهنية في السفر، وليس بغرض السياحة البدنية، لذلك اهتم بالتنقل من مكان إلى آخر بهدف التعرّف على مختلف الوجوه والرغبات وأساليب تفكير العقول الرائعة.
لا تعنيني ولا ترهقني الوحدة، لا بل أتمتع بها من أجل التأمل والتفكر والتمتع بسماع الموسيقى والقراءة والكتابة المحظورة سياسياً وقانونياً في الإعلام الكويتي.. إجازة ذهنية من رتابة روتين الحياة الشرقية.
إن الكويت حبلى بالثعابين السياسية والاجتماعية والثقافية، وأنا لا أملك عصا موسى في إحداث التغيير الفوري والإصلاح الجذري، ولا إيقاظ الضمير الحكومي الضرير أساساً.. اكتفي في التعبير والكتابة ضد التزمت والخرافة متذوقاً كؤوس الحب والتصالح مع النفس.
وجدتُ نفسي أمام متاهات السنين، فتعلمت كثيراً من الدروس.. أهوى ما يرضي العقل والمنطق، وليس العيش وسط الأوهام والأحلام المستحيلة، لا بل العادات المصطنعة، التي تقود إلى الاضطرابات النفسية والاجتماعية.
أتألم كثيراً حين استمع إلى حالات وروايات الحرمان الاجتماعي.. تنحرني تلك الروايات والظنون المريضة اجتماعياً.. تمر الساعات والأيام وأبقى ضحية جزار المجتمع.. جزار الحريات الشخصية!
لا أقوى على استيعاب البؤس الاجتماعي وشقاء الانكسار البشري، فخناجر الجزار كثيرة وعديدة.. تخترق الصدور والنفوس العليلة.. أرواح باحثة عن السكينة تحت الجفون وفوقها.
أضجر من الكآبة واكتئاب البشر، لذلك أبحث عن الصفاء الذهني في أروقة مدينة لندن، التي أجد فيها نفسي ونقاء التفكير والتفاؤل في التحليل والتعبير حديثاً وكتابةً.
أمام عتمة الزمان يتكرر مشهد وهج المنال.. وهج العشق العذري حتى لو احترقت الجفون دموعاً، واكتوى القلب من لهيب الهدب الناعس والثغر الباسم.. الليل في عاصمة الضباب له مذاقات شتى.. مذاق يعرفه الليل الممتد والفجر بلا أسوار.
نزهة العقل صعبة ورحلة الوجدان أصعب، لا بل هي السير فوق الشوك والجمر.. فالاحتضار الوجداني يبدأ مبكراً، حين يزعم القلب في الخطايا.. خطايا لا تطهرها دموع قلب مكلوم.
ذكرياتي جميلة وأجمل ما فيها أحزاني قبل أفراحي..عبثاً أغمض عيني عن وهج المنال، وذلك القلب المثقل بالحنان والأحزان معاً.. لا يفطن القلب بالسرقة الوجدانية.. فهي سرقة عفوية لمن كابد شقاء المنال!
ذاكرتي ليست مائية حتى تنسى السرقة الوجدانية.. أتمتع بملامح آلامها.. عودتني الحياة على فتح أغوار قلبي للسرقة الوجدانية.. مرحباً وفرحاً بها.. سرقة وجدانية توطنت في ثنايا مشاعري وحنايا القلب.. لا أسكب الدمع على من سرقني وجدانياً، لأنها سرقة عفوية الزمن وربانية الإحساس!
شكراً للشاعر خالد الفيصل على ما عبّر عنه في قصيدته:
سرقني مادريت إنَّه سرقنـي
سلبني وأحسب إنَّي فاطنٍ له
أنا يوم أرسل عيونه لقلبـي
عطيته مُهجتي والمعطـي الله
نصف زين الخلايق في عيونه
وباقي الزَّين في باقيـه كِلَّـه
تعليقات