حسن العيسى: قضية وعي وثقافة لا أكثر
زاوية الكتابكتب حسن العيسى مارس 26, 2022, 10:16 م 400 مشاهدات 0
"لماذا توقفت الديموقراطية في الشرق الأوسط؟"، كان هذا عنوان مقال مطول في شهرية "فورن أفيرز"، العدد الأخير، يتساءل الباحث فيه عن سبب فقدان الأمل في الحياة الديموقراطية في بلدان الشرق الأوسط، وتحديداً بالدول العربية، بعد أيام تمردات الربيع العربي عام 2011، وسبب عودة الأنظمة الاستبدادية إلى الحكم وكأنه لم يحدث هذا الربيع المنسي.
في استطلاعات الرأي بتلك الأيام، كان 70 في المئة من شعوب المنطقة يؤمنون بأن النظام الديموقراطي هو الأفضل لحياة كريمة، وكان الشعار الذي رفعه المتظاهرون "الخبز، الحرية، العدالة". الآن اختلفت الصورة بارتفاع معدلات البطالة، وتدهور الأنظمة التعليمية، وتفشي الفساد، إذ "أصبح الناس ينشدون الإدارة الجيدة وحسن الأداء الاقتصادي، وهي قيم تسمو فوق الكلام عن الحريات والديموقراطية".
الديموقراطية، حتى في دولة مثل تونس الأكثر عراقة في الثقافة العربية ومهد الربيع العربي، لم تحقق حلم الإنسان هناك في وضع اقتصادي أفضل، ولم تحدث الإصلاحات المنشودة عند الطبقة الوسطى التي كانت في وضع أفضل أيام زين العابدين، وفي لبنان (أيضاً دولة ديموقراطية ولو أنها بمحتوى طائفي إقطاعي) فقدت الليرة اللبنانية ٩0 في المئة من قوتها، وظل الشعب يعاني.
في العقد الماضي، تضاءل الدخل الفردي عند معظم الدول العربية، ويُرجع الباحث ذلك إلى عجز الأنظمة الحاكمة عن حل العقد الاقتصادية الموروثة من العهود الماضية.
اليوم، لم تعد الولايات المتحدة النموذج الذي يحتذى به للارتقاء بالإنسان العربي، بل أصبحت الصين وروسيا، وهما دولتان أوتوقراطيتان، هما المثال الذي يُقتدى به، فالصين انتشلت 800 مليون من حالة الفقر، وكان معدل الدخل الفردي عام 2000 يعادل ألفين وكسوراً من الدولارات، ليصبح 10.431 دولاراً في سنة 2020، أما روسيا فتضاعفت بها الدخول ٤ مرات من 7000 دولار إلى 28 ألفاً خلال عشرين عاماً.
أين العلة في هذا العالم العربي؟ هل هي الثقافة العربية التي تصور البعض أنها لا تهضم الديموقراطية، والدليل فقدان الأمل فيها عند شعوبنا الباحثة عن لقمة العيش؟ الباحث يرفض مثل هذا الرأي، ويرى أن العلة مسؤولية دولية وأنظمة حكم عاجزة عن حل المشكلة الاقتصادية. يبدو أن رأيه إنشائي، فالأنظمة التي تحكم اليوم لم تأتِ من العدم، فهي وليدة ثقافة شعوبنا وتاريخها المتشرذم، والديموقراطية ليست مجرد شعارات فحسب، بل هي ثقافة اجتماعية تتطور وتتقدم وتواكب التجديد والتغيير مع وجود طبقة وسطى عريضة تنتج نخباً تقدمية تدفع بمجتمعاتها نحو الأمام، خذوا مثالاً على ذلك في الكويت، أين كنا في منتصف الستينيات من القرن الماضي وأين أصبحنا اليوم؟
تعليقات