داهم القحطاني: الإعلام الغربي والروسي.. وضياع الحقيقة
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني مارس 14, 2022, 10:51 م 438 مشاهدات 0
إذا كنت تعتقد أنك بمتابعتك لقنوات سي إن إن الأميركية، وبي بي سي البريطانية، وفرانس 24 الفرنسية، وآر تي الروسية، قد فهمت حقيقة ما يدور في العالم، وخصوصاً في ما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية فأنت واهم، ولن استخدم مفردة أقسى.
الحقيقة لها أوجه متعددة، وأكثر المواقف رعباً عندنا أن ننساق خلف نمط معين من الأخبار، ونعتمده كمصدر رئيسي ووحيد، فقط لأنه يبث من قنوات عملاقة لديها من الخبرة الإعلامية ما يجعلها تروّج لسياسة بلدانها، في الوقت الذي تعتقد فيه أنها تنتقد هذه سياسات بلدانها.
لو كانت هذه القنوات الكبرى تضر بمصالح الأمن القومي لبلدانها لما سمح لها بأن تكون بهذا الانتشار، ولما زودتها تلك الحكومات بوسائل المساعدة الميدانية والخدماتية.
هذه القنوات أذرع مهمة لتنفيذ سياسات الأمن القومي في بلدانها، وهي تقوم بذلك بشكل ضمني، والهدف خلق قوة ردع معلوماتية تمنع أوجه الحقيقة الأخرى من الوصول إلى المشاهدين في العالم.
ولهذا رأينا أن حجم التدفق الإخباري في الحرب الروسية الأوكرانية في شبكات التلفزيون الغربية الكبرى لا يكاد يتوقف ثانية واحدة، ويتم عبر تقارير تبث من قلب الحدث كما يقال، والسبب بالطبع لأن إستراتيجية توظيف وسائل الإعلام تقوم على السيطرة على فضول المشاهدين في العالم بأسره، وخصوصاً في بدايات كل حدث، لكي لا تتاح أي فرص للجانب الآخر من الحقيقة.
لهذا رأينا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وهو خبير في التعامل مع وسائل الإعلام، يشتكي من عدم مهنية شبكات التلفزيون الأميركية والبريطانية خلال تغطيتها لما أسماه العملية العسكرية الروسية الضرورية في أوكرانيا.
هل هذا يعني أن الجانب الروسي على حق؟ وأن وسائل الإعلام الروسي تقدم الحقيقة؟
بالطبع لا، ولكن هذه المرة الأولى منذ سنوات طويلة، التي نشهد فيها نحن العرب، وبعد سنين طويلة من اتهامنا بالإرهاب، كيف تزيف تلك الشبكات التلفزيونية العريقة، ومن الجانبين، الحقيقة، وتقدّم عمليات القتل وكأنها كفاح من أجل حرية الشعوب، وتقوم بتوزيع صكوك الإدانة والبراءة من بعبع الإرهاب على من تشاء.
نعم جزء من هذه التقارير التلفزيونية يثير تعاطفنا مع ضحايا النزاع الحالي بين روسيا وأوكرانيا، ولكن عرض معاناة الناس العاديين يقدم وللأسف ضمن سياق الحشد لبدء مرحلة أخرى من الحرب، وليس لوقف الحرب نفسها.
مرة أخرى البحث عن الحقيقة ليس بالأمر السهل، فلا تقبل بالوجبات المعدة سلفاً، والتي لا تعرف المقادير التي طُبخت بها.
المصدر: القبس
تعليقات