خالد الطراح: رحيل المناضل العروبي

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 377 مشاهدات 0


رحل بهدوء عن الكويت وطناً وشعباً والأمة العربية ككل الطبيب والمناضل العروبي الدكتور أحمد الخطيب، تاركاً إرثاً سياسياً ضخماً ودروساً وعبراً برلمانية.. ستظل جميعها خالدة في ذاكرة التاريخ ووجدان الشعبين الكويتي والعربي.

لم تفارق الابتسامة والحكمة في الرأي والاستماع المناضل العروبي الدكتور أحمد الخطيب حتى آخر لحظاته وقبل أن يودع الدنيا، فهو شخصية سياسية نادرة.. ترك بصمات سياسية عروبية، فهو من مؤسسي الدولة الحديثة، الكويت.. دولة دستور 1962.

خاض الدكتور أحمد الخطيب معارك سياسية بفروسية وقاد نضالاً سياسياً تاريخياً، من دون التفكير في أن يُنسب له بصفته الشخصية، وإنما من أجل الكويت وشعبها منذ الإمارة حتى الدولة الحديثة. لم يغب عن الدكتور أحمد الخطيب الهم العربي أو عن بصيرته وعقله، فقد كابد تلك الهموم بتفانٍ وإخلاص حتى آخر لحظة من حياته، فهو الحكيم السياسي الذي نذر حياته لوطنه والأمة العربية ككل. 

ودع المناضل العروبي الدكتور أحمد الخطيب الكويت وشعبها من دون أن يشهد مع أهل الكويت فرحة عودة نادي الاستقلال، الذي لم يزل مبهماً سببُ إغلاقه الحقيقي!

تخليداً لذكرى الدكتور أحمد الخطيب وعطائه السياسي وتكريماً لحلمه، أتمنى على الأخ الشيخ صباح الخالد، رئيس الحكومة، تحمل مسؤولية عودة نادي الاستقلال كما ورد في حديث سابق مع الأخت سعاد فهد المعجل في أحد اللقاءات ضمن وفد المنبر الديموقراطي.

مواطنون ومقيمون من كل الشرائح والمستويات يعرفون جيداً «إبرة» (الحقنة) الدكتور أحمد الخطيب، فقد توارثت أجيال بعد أجيال منذ عقود من الزمن ذكرى الشفاء والعلاج، فقد كانت ولم تزل عيادته في منطقة حولي ملاذ الفقراء والأغنياء ورمزاً للإنسانية والمهنية الطبية.

الإبرة أي الحقنة التي قدمها الدكتور أحمد الخطيب بعد تخرجه في الجامعة الأميركية في بيروت وافتتاح عيادة طبية خاصة بعد الخدمة في وزارة الصحة، حيث أصبحت قبلة المرضى وبرسوم رمزية جداً.

إن رحلة الدكتور أحمد الخطيب الدراسية في بيروت لم تؤثر في انتمائه كمواطن من سكان حي صغير «فريج» الدهلة الكويتي، فقد حمل في وجدانه التحديات السياسية في وطنه الكويت والوطن العربي أيضاً. 

دراسته للطب، وهو تخصص علمي يتطلب المثابرة، لم تمنع الدكتور أحمد الخطيب من حمل هموم شعبه والانخراط في نشاط طلابي قومي في وقت شديد التحدي ومحفوف بالمخاطر بسبب طبيعة تلك الحقبة التاريخية.

ركز الدكتور أحمد الخطيب، بعد تخرجه، على إنسانية العلاج ومواصلة نشاطه السياسي الذي تحوَّل إلى نضال ميداني مع مجموعة خيرة من أهل الكويت الذين ارتبطوا جميعهم بعلاقة حميمة منذ أيام الدراسة. 

ترك الدكتور أحمد الخطيب بصمات طبية توجت بترسيخ إنسانية العلاج ومهنة الطب غير الربحية، فقد كان معروفاً منذ بدء مزاولته مهنته في عيادته الخاصة بتواضع رسوم العلاج ومجانيته أيضاً لكثير من الحالات بغض النظر عن الهوية والدين تقديراً لظروف مادية للمرضى.

إبرة الخطيب عبارة عن حقنة تتميز بمزيج من مركبات طبية، حاول أن يجتهد كثيرون في تحديد التركيبة الطبية، ولكن من دون جدوى!

حافظ الخطيب على مكونات حقنته؛ لأنها ذات مفعول مؤثر وسريع إلى درجة أن المرضى يخرجون من العيادة أصحاء؛ لذلك كان الطلب على الإبرة (الحقنة) أكثر من أي دواء آخر.

جمع الدكتور أحمد الخطيب بين ممارسته مهنة الطب والنضال السياسي منشغلاً طوال اليوم بين العيادة ومجلس الأمة ومنتديات سياسية أيضاً.

ولكن الراحل الدكتور أحمد الخطيب، لم يتوقع أن تتعقد الأوضاع السياسية والبرلمانية الكويتية؛ لذا وثَّق يوماً مناجاته لرفيق الدرب، الشيخ عبدالله السالم، عما آلت اليه الظروف والتطورات السياسية المعقدة.

رحل الدكتور الخطيب ولم يبتكر حقنة سياسية ـــ وليست طبية ـــ تداوي نفوس عليلة ومحبطة، تُعزِّز الأمل في جيل اليوم والأجيال القادمة، فخيار الشعب الكويتي للنظام الديموقراطي الدستوري ليس محل مساومة أو جدل حتى لو اجتاحه العبث حكومياً وبرلمانياً.

تعليقات

اكتب تعليقك