داهم القحطاني: استجواب مستحقٌّ.. وثقة مستحقَّة

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 314 مشاهدات 0


الاستجواب المقدم من النائب شعيب المويزري لنائب رئيس مجلس الوزراء أحمد ناصر المحمد الصباح، بصفته وزيراً للخارجية، بالفعل كان ضرورياً لإصلاح المسار المالي والإداري لوزارة الخارجية، خصوصاً في ما يتعلق بعمل البعثات الدبلوماسية الكويتية.

الوزير في المقابل كان واضحاً في إجاباته واستند إلى إجراءات قامت بها الوزارة فعلاً لمواجهة بعض الحالات التي أثارها النائب المويزري.

كما قدّم الوزير عرضاً للواجبات التي قامت بها البعثات الدبلوماسية الكويتية لمواجهة الأزمات، ومن ضمن ذلك الجهد الجبار الذي قام به الدبلوماسيون والإداريون الكويتيون طوال الأيام الأولى والقاسية لوباء كورونا، حيث واجهوا مخاطر الإصابة بالفيروس القاتل، وأصيب بعضهم به بسبب مخالطة عشرات الآلاف من المواطنين، الذين نظمت الحكومة برئاسة وزير الخارجية جسراً جوياً غير مسبوق لإعادتهم.

والمحزن أن هؤلاء الأبطال من الدبلوماسيين والإداريين في البعثات الدبلوماسية الكويتية لم ينالوا حقهم المشروع في الحصول على مكافآت الصفوف الأمامية، رغم أنهم بالفعل كانوا في الصفوف الأولى التي واجهت مخاطر فيروس كورونا في الخارج.

والأمر بالمناسبة يمكن تلافيه، فقانون مكافآت الصفوف الأمامية يتيح لوزارة الخارجية التقدم بكشوفات من يستحق هذه المكافآت ممن بذل الجهود الخارقة، وواصل الليل بالنهار، وتعرض للمخاطر في سبيل عودة عشرات الآلاف من المواطنين العالقين في الخارج.

هل يستحق الوزير سحب الثقة منه على ضوء ما تم طرحه من أسئلة مغلظة؟

النواب لديهم حسبة مختلفة للوصول إلى قرارهم في هذا الشأن، فالأمر لا يتعلق فقط بما تم طرحه في جلسة الاستجواب من اتهامات وردود، فقرار النائب يعتبر بمنزلة موقف سياسي سيحاسبه الناخبون عليه لاحقاً. 

النائب المويزري قدم وقائع عديدة، ولكن في الوقت نفسه لم تكن هناك برأيي وقائع محددة وثابتة تثبت أن هناك قصوراً مباشراً وجسيماً في أداء الوزير نفسه بما يخل بمسؤولياته، خصوصاً في الشقين السياسي والدبلوماسي، وهو الجانب الأهم في عمل أي وزير خارجية.

الدبلوماسية الكويتية حسب متابعتي كمختص تميزت طوال عهد الوزير بالحيوية والتأثير في المحيط الإقليمي. فعلى سبيل المثال، الوساطة الكويتية في الأزمة الخليجية تسارعت في عهد الوزير، لتكتمل وبعد جولات مكوكية قام بها الوزير بصلح قمة العلا، وهو الصلح الذي كان بداية لمرحلة استقرار في العلاقات الخليجية الخليجية.

كما لعب الوزير دوراً مهماً بصفته رئيساً للدبلوماسية الكويتية في تخفيف الاحتقان بين المغرب والجزائر، ما جعل المشاحنات تتوقف ولا تتصاعد لمرحلة المواجهات العسكرية.

كذلك كان هناك دور كويتي غير معلن تولاه الوزير أحمد ناصر الصباح، بالتعاون مع وزير الخارجية العراقي، لتسهيل الحوار السعودي ــ الإيراني، الذي يجري طوال الفترة الماضية في العاصمة العراقية بغداد.

وهو الحوار الذي يؤمل أن ينتهي بتخفيف الاحتقان بين القوتين الأكثر تأثيراً في إقليمنا الملتهب، وبالتالي قد تتوافر لاحقاً أجواء مناسبة لعقد مؤتمر أمن إقليمي ينهي الأزمات التي تصاعدت في المنطقة منذ ما يعرف بالربيع العربي.

كما لعبت الدبلوماسية الكويتية بقيادة الوزير دوراً لافتاً في البحث عن حلول عملية للأزمة الليبية، وهو ما تم بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا، حيث عقد في ليبيا أول مؤتمر يعنى بأمنها ومستقبلها للمرة الأولى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي.

هذا الجهد الدبلوماسي المتميز أعطى الكويت قوة سياسية ناعمة، وخلق للكويت وشعبها سمعة طيبة وشعبية متصاعدة لدى دول وشعوب كانت إلى وقت قريب تنظر بريبة وسلبية إلى الكويت، متأثرة برأي عام لا يزال وإلى فترة قريبة متأثراً بالكتّاب والسياسيين الذين اشتراهم نظام صدام حسين في العراق قبل سقوطه. 

في ما يتعلق بمقطع الحفل الخادش للحياء، الذي عرض النائب المويزري مقطعاً منه في جلسة الاستجواب، لا يوجد تقرير من لجنة مستقلة يؤكد أو ينفي مسؤولية وزارة الخارجية والوزير عما تضمنه من بذاءات، ما كان يجب أن تعرض في قاعة عبدالله السالم وإن تم «تغبيش» الصور.

وكخلاصة لا أعتقد أن الوزير يستحق سحب الثقة منه إن تعهّد بإجراء إصلاحات شاملة في الوزارة تمنع تكرار الوقائع الخاطئة، التي بيّن استجواب المويزري وقوعها في جوانب مالية وإدارية وقنصلية.

المصدر: القبس

تعليقات

اكتب تعليقك